وأخرج الأزرقي عن ليث بن معاذ قال : قال رسول الله ﷺ « هذا البيت خامس خمسة عشر بيتاً، سبعة منها في السماء وسبعة منها إلى تخوم الأرض السفلى، واعلاها الذي يلي العرش البيت المعمور، لكل بيت منها حرم كحرم هذا البيت، لو سقط منها بيت لسقط بعضها على بعض إلى تخوم الأرض السفلى، ولكل بيت من أهل السماء ومن أهل الأرض من يعمر كما يعمر هذا البيت ».
وأخرج الأزرقي عن عمرو بن يسار المكي قال : بلغني أن الله إذا أراد أن يبعث ملكاً من الملائكة لبعض أموره في الأرض استأذنه ذلك الملك في الطواف ببيته، فهبط الملك مهلاً.
وأخرج ابن المنذر والأزرقي عن وهب بن منبه قال : لما تاب الله على آدم أمره أن يسير إلى مكة فطوى له المفاوز والأرض، فصار كل مفازة يمر بها خطوة وقبض له ما كان فيها من مخاض أو بحر فجعله له خطوة، فلم يضع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمراناً وبركة، حتى انتهى إلى مكة فكان قبل ذلك قد اشتد بكاؤه وحزنه لما كان به من عظم المصيبة، حتى أن كانت الملائكة لتبكي لبكائه وتحزن لحزنه، فعزاه الله بخيمة من خيام الجنة، وضعها له بمكة في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة.
وتلك الخيمة ياقوتة حمراء من يواقيت الجنة، فيها ثلاث قناديل من ذهب، فيها نور يلتهب من نور الجنة، ونزل معها يومئذ الركن، وهو يومئذ ياقوتة بيضاء من ربض الجنة، وكان كرسياً لآدم يجلس عليه، فلما صار آدم بمكة حرسه الله وحرس له تلك الخيمة بالملائكة، كانوا يحرسونها ويذودون عنها سكان الأرض وساكنها يومئذ الجن والشياطين، ولا ينبغي لهم أن ينظروا إلى شيء من الجنة لأنه من نظر إلى شيء من الجنة وجبت له، والأرض يومئذ طاهرة نقية طيبة لم تنجس، ولم يسفك فيها الدم، ولم يعمل فيها بالخطايا، فلذلك جعلها الله مسكن الملائكة، وجعلهم فيها كما كانوا في السماء يسبحون الليل والنهار لا يفترون.
وكان وقوفهم على أعلام الحرم صفاً واحداً مستدبرين بالحرم كله من خلفهم والحرم كله من أمامهم، ولا يجوزهم جني ولا شيطان من أجل مقام الملائكة حرم الحرم حتى اليوم، ووضعت أعلامه حيث كان مقام الملائكة، وحرم الله على حوّاء دخول الحرم والنظر إلى خيمة آدم من أجل خطيئتها التي أخطأت في الجنة، فلم تنظر إلى شيء من ذلك حتى قبضت، وأن آدم إذا أراد لقاءها ليلة ليلم بها للولد خرج من الحرم كله حتى يلقاها، فلم تزل خيمة آدم مكانها حتى قبض الله آدم ورفعها الله إليه، وبنى بنو آدم بها من بعدها مكانها بيتاً بالطين والحجارة، فلم يزل معموراً يعمرونه ومن بعدهم حتى كان زمن نوح، فنسفه الغرق وخفي مكانه، فلما بعث الله إبراهيم خليله طلب الأساس الأول الذي وضع بنو آدم في موضع الخيمة، فلم يزل يحفر حتى وصل إلى القواعد التي وضع بنو آدم في موضع الخيمة، فلما وصل إليها ظلل الله له مكان البيت بغمامة، فكانت حفاف البيت الأول، فلم تزل راكدة على حفافه تظل إبراهيم وتهديه مكان القواعد حتى رفع القواعد قامة، ثم انكشفت الغمامة فذلك قوله تعالى


الصفحة التالية
Icon