﴿فلله﴾ أي: الذي له الأمر كله ﴿الحمد﴾ أي: الإحاطة بجميع صفات الكمال ﴿رب السموات﴾ أي: ذوات العلو والاتساع والبركات ﴿ورب الأرض﴾ أي: ذات القبول للواردات ﴿رب العالمين﴾ أي: خالق ما ذكر إذ الكلُّ نعمة منه دال على كمال قدرته فاحمدوا الله الذي هو خالق السموات والأرضين وخالق كل العالمين من الأجسام والأرواح والذوات والصفات، فإن هذه توجب الحمد والثناء على كل من المخلوقين والمربوبين.
ولما أفاد ذلك غناه الغنى المطلق وسيادته وأنه لا كفء له عطف عليه بعض اللوازم لذلك تنبيهاً على مزيد الاعتناء به لدفع ما يتوهمونه من ادعاء الشركة التي لا يرضونها لأنفسهم فقال تعالى:
﴿وله﴾ أي: وحده ﴿الكبرياء﴾ أي: الكبر الأعظم الذي لا نهاية له ﴿في السموات﴾ كلها ﴿والأرض﴾ جميعاً اللتين فيهما آيات الموقنين روي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ «يقول الله عز وجل: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منهما أدخلته النار». وفي رواية عذبته وفي رواية قصمته ﴿وهو﴾ وحده ﴿العزيز﴾ الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء ﴿الحكيم﴾ الذي يضع الأشياء في مواضعها ولا يضع شيئاً إلا كذلك كما أحكم أمره ونهيه وجميع شرعه، وأحكم نظم هذا القرآن جملاً وآيات وفواصل وغايات بعد أن حرر معانيه وتنزيله فصار معجزاً في نظمه ومعناه وما رواه البيضاوي تبعاً للزمخشري من أنه ﷺ قال: «من قرأ سورة حم الجاثية ستر الله عورته وسكن روعته يوم الحساب» حديث موضوع.
(١٠/٢٣٦)
---
سورة الأحقاف
مكية
إلا قوله تعالى: ﴿قل أرأيتم إن كان من عند الله﴾ الآية وإلا ﴿فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل﴾ الآية وإلا ﴿ووصينا الإنسان بوالديه﴾ الثلاث آيات، وهي خمس وثلاثون آية وستمائة وأربع وأربعون كلمة، وألفان وخمسمائة وخمسة وتسعون حرفاً.