ج ٣٠، ص : ٢٦٠
وقد فهم النبي صلى اللّه عليه وسلم من هذا أن الأمر قد تمّ، ولم يبق إلا أن يلحق بالرفيق الأعلى، فقال فيما
روى عنه : إنه قد نعيت إليه نفسه.
قال ابن عمر : نزلت هذه السورة بمنى فى حجة الوداع، ثم نزلت « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي » فعاش بعدها ثمانين يوما، ثم نزلت آية الكلالة فعاش بعدها خمسين يوما، ثم نزلت :« لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ » فعاش بعدها خمسة وثلاثين يوما، ثم نزلت :« وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ » فعاش بعدها واحدا وعشرين يوما.
وصلّ وسلّم ربّنا على محمد وآله وأصحابه الذين هاجروا وجاهدوا ورابطوا فى سبيل اللّه.
سورة المسد
هى مكية، وآياتها خمس، نزلت بعد سورة الفتح.
ومناسبتها لما قبلها - أنه ذكر فى السورة السابقة أن ثواب المطيع حصول النصر والاستعلاء فى الدنيا، والثواب الجزيل فى العقبى. وهنا ذكر أن عاقبة العاصي الخسار فى الدنيا والعقاب فى الآخرة.
أسباب نزول هذه السورة
روى البخاري عن ابن عباس أنه قال :« خرج النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى البطحاء فصعد الجبل فنادى (يا صباحاه) فاجتمعت إليه قريش، فقال : أرأيتم إن حدثتكم أن العدو مصبّحكم أو ممسّيكم أ كنتم تصدقونى ؟ قالوا نعم، قال : فإنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد » فقال أبو لهب : أ لهذا جمعتنا ؟ تبّا لك!! وفى رواية :
إنه قام ينفض يديه ويقول : تبّا لك سائر اليوم، أ لهذا جمعتنا ؟ فأنزل اللّه « تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ».