لباب التأويل، ج ٤، ص : ١٩٨
سورة الطور
(مكيةو هي تسع وأربعون آية وثلاثمائة واثنتا عشرة كلمة وألف وخمسمائة حرف) بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ١ الى ٣]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالطُّورِ (١) وَكِتابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣)قوله عز وجل : وَالطُّورِ أراد به الجبل الذي كلم اللّه موسى عليه الصلاة والسلام بالأرض المقدسة وقيل : بمدين وَكِتابٍ مَسْطُورٍ أي مكتوب فِي رَقٍّ يعني الأديم الذي يكتب فيه المصحف مَنْشُورٍ أي مبسوط.
واختلفوا في الكتاب، فقيل : هو ما كتب اللّه بيده لموسى من التوراة وموسى يسمع صرير الأقلام. وقيل :
هو اللوح المحفوظ. وقيل : هو دواوين الحفظة يخرج إليهم يوم القيامة منشورا فآخذ بيمينه وآخذ بشماله.
وقيل : هو القرآن.
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٤ الى ١٠]
وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦) إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ (٧) ما لَهُ مِنْ دافِعٍ (٨)
يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً (٩) وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً (١٠)
وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ يعني بكثرة الغاشية والأهل وهو بيت في السماء السابعة قدام العرش بحيال الكعبة يقال له الصراع حرمته في السماء كحرمة الكعبة في الأرض وصح في حديث المعراج من أفراد مسلم عن أنس أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رأى البيت المعمور في السماء السابعة قال : فإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه وفي رواية أخرى قال فانتهيت إلى بناء فقلت للملك ما هذا؟ قال بناء بناه اللّه للملائكة يدخل فيه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون يسبحون اللّه ويقدسونه.
وفي أفراد البخاري عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :«أنه رأى البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك» وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ يعني السماء وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ يعني الموقد المحمى بمنزلة التنور المسجور وهو قول ابن عباس. وذلك ما روي أن اللّه تعالى يجعل البحار كلها يوم القيامة نارا فيزاد بها في نار جهنم وجاء في الحديث عن عبد اللّه بن عمرو وقال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «لا يركبن رجل البحر إلا غازيا أو معتمرا أو حاجا فإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا وقيل : المسجور المملوء وقيل : هو اليابس الذي ذهب ماؤه ونضب. وقيل : هو المختلط العذب بالملح.
وروي عن علي أنه قال البحر المسجور هو بحر تحت العرش غمره كما بين سبع سموات إلى سبع أرضين فيه ماء غليظ يقال له بحر الحيوان يمطر العباد بعد النفخة الأولى منه أربعين صباحا فينبتون من قبورهم أقسم اللّه