مفاتيح الغيب، ج ٢٤، ص : ٥٤٠
سورة النمل
تسعون وثلاث أو أربع أو خمس آيات مكية بسم اللَّه الرحمن الرحيم
[سورة النمل (٢٧) : الآيات ١ إلى ٣]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ (١) هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٣)اعلم أن قوله : تِلْكَ إشارة إلى آيات السورة والكتاب المبين هو اللوح المحفوظ وإبانته أنه قد خط فيه كل ما هو كائن، فالملائكة الناظرون فيه يبينون الكائنات، وإنما نكر الكتاب المبين ليصير مبهما بالتنكير فيكون أفخم له كقوله : فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر : ٥٥] وقرأ ابن أبي عبلة وكتاب مبين بالرفع على تقدير وآيات كتاب مبين فحذف المضاف إليه مقامه، فإن قلت : ما الفرق بين هذا وبين قوله : الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ [الحجر : ١]؟ قلت : لا فرق لأن واو العطف لا تقتضي الترتيب.
أما قوله : هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ فهو في محل النصب أو الرفع فالنصب على الحال أي هادية ومبشرة، والعامل فيها ما في تلك من معنى الإشارة، والرفع على ثلاثة أوجه على معنى هي هدى وبشرى، وعلى البدل من الآيات، وعلى أن يكون خبرا بعد خبر، أي جمعت آياتها آيات الكتاب وأنها هدى وبشرى، واختلفوا في وجه تخصيص الهدى بالمؤمنين على وجهين : الأول : المراد أنه يهديهم إلى الجنة وبشرى لهم كقوله تعالى : فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً [النساء : ١٧٥] فلهذا اختص به المؤمنون الثاني : المراد بالهدى الدلائلة ثم ذكروا في تخصيصه بالمؤمنين وجوها : أحدها : أنه إنما خصه بالمؤمنين لأنه ذكر مع الهدى البشرى، والبشرى / إنما تكون للمؤمنين وثانيها : أن وجه الاختصاص أنهم تمسكوا به فخصهم بالذكر كقوله : إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها [النازعات : ٤٥]، وثالثها : المراد من كونها هدى للمؤمنين أنها زائدة في هداهم، قال تعالى : وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً [مريم : ٧٦].
أما قوله : الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ فالأقرب أنها الصلوات الخمس لأن التعريف بالألف واللام يقتضي ذلك، وإقامة الصلاة أن يؤتى بها بشرائطها، وكذا القول في الزكاة فإنها هي الواجبة، وإقامتها وضعها في حقها.