مفاتيح الغيب، ج ٢٥، ص : ١٣٥
سورة السجدة
وتسمى سورة المضاجع مكية عند أكثرهم وهي تسع وعشرون آية وقيل ثلاثون آية بسم اللّه الرحمن الرحيم
[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١ إلى ٢]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢)لما ذكر اللّه تعالى في السورة المتقدمة دليل الوحدانية وذكر الأصل وهو الحشر وختم السورة بهما بدأ ببيان الرسالة في هذه السورة فقال : الم، تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ وقد علم ما في قوله : الم وفي قوله : لا رَيْبَ فِيهِ من سورة البقرة وغيرها غير أن هاهنا قال : مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ وقال من قبل هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ [لقمان : ٣] وقال في البقرة [٢] : هُدىً لِلْمُتَّقِينَ وذلك لأن من يرى كتابا عند غيره، فأول ما تصير النفس طالبة تطلب ما في الكتاب فيقول ما هذا الكتاب؟ فإذا قيل هذا فقه أو تفسير فيقول بعد ذلك تصنيف من هو؟ ولا يقال أولا : هذا الكتاب تصنيف من؟ ثم يقول في ماذا هو؟ إذا علم هذا فقال أولا هذا الكتاب هدى ورحمة، ثم قال هاهنا هو كتاب اللّه تعالى وذكره بلفظ رب العالمين لأن كتاب من يكون رب العالمين يكون فيه عجائب العالمين فتدعو النفس إلى مطالعته. ثم قال تعالى :
[سورة السجده (٣٢) : آية ٣]
أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣)
يعني أتعترفون به أم تقولون هو مفترى، ثم أجاب وبين أن الحق أنه حق من ربه ثم بين فائدة التنزيل وهو الإنذار، وفيه مسائل :
المسألة الأولى : كيف قال لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مع أن النذر سبقوه الجواب : من وجهين أحدهما : معقول والآخر منقول، أما المنقول فهو أن قريشا كانت أمة أمية لم يأتيهم نذير قبل محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم وهو بعيد، فإنهم كانوا من أولاد إبراهيم وجميع / أنبياء بني إسرائيل من أولاد أعمامهم وكيف كان اللّه يترك قوما من وقت آدم إلى زمان محمد بلا دين ولا شرع؟ وإن كنت تقول بأنهم ما جاءهم رسول بخصوصهم يعني ذلك القرن