مفاتيح الغيب، ج ٣١، ص : ٦٣
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
سورة التكويرعشرون وتسع آيات مكية
[سورة التكوير (٨١) : آية ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١)اعلم أنه تعالى ذكر اثني عشر شيئا، وقال : إذا وقعت هذه الأشياء فهنالك عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ [التكوير : ١٤] فالأول : قوله تعالى : إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وفي التكوير وجهان أحدهما : التلفيف على جهة الاستدارة كتكوير العمامة، وفي الحديث «نعوذ باللّه من الحور بعد الكور»
أي من التشتت بعد الألفة والطي واللف، والكور والتكوير واحد، وسميت كارة القصار كارة لأنه يجمع ثيابه في ثوب واحد، ثم إن الشيء الذي يلف لا شك أنه يصير مختفيا عن الأعين، فعبر عن إزالة النور عن جرم الشمس وتصييرها غائبة عن الأعين بالتكوير، فلهذا قال بعضهم : كورت أي طمست، وقال آخرون : انكسفت، وقال الحسن : محى ضوؤها وقال المفضل بن سلمة : كورت أي ذهب ضوؤها، كأنها استترت في كارة الوجه الثاني : في التكوير يقال : كورت الحائط ودهورته إذا طرحته حتى يسقط، قال الأصمعي : يقال طعنه فكوره إذا صرعه، فقوله : إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ أي ألقيت ورميت عن الفلك وفيه قول ثالث : يروى عن عمر أنه لفظة مأخوذة من الفارسية، فإنه يقال للأعمى كور، وهاهنا سؤالان :
السؤال الأول : ارتفاع الشمس على الابتداء أو الفاعلية الجواب : بل على الفاعلية رافعها فعل مضمر، يفسره كورت لأن إذا، يطلب الفعل لما فيه من معنى الشرط.
السؤال الثاني :
روى أن الحسن جلس بالبصرة إلى أبي سلمة بن عبد الرحمن فحدث عن أبي هريرة أنه عليه السلام، قال :«إن الشمس والقمر ثوران مكوران في النار يوم القيامة، فقال الحسن، وما ذنبهما؟ قال : إني أحدثك عن رسول اللّه» فسكت الحسن،
والجواب : أن سؤال الحسن ساقط، لأن الشمس والقمر جمادان فإلقاؤهما في النار لا يكون سببا لمضرتهما، ولعل ذلك يصير سببا لازدياد الحر في جهنم، فلا يكون هذا الخبر على خلاف العقل «١» / الثاني : قوله تعالى :
[سورة التكوير (٨١) : آية ٢]
وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢)
أي تناثرت وتساقطت كما قال تعالى : وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ [الإنفطار : ٢] والأصل في الانكدار الانصباب، قال الخليل : يقال انكدر عليهم القوم إذا جاءوا أرسالا فانصبوا عليهم، قال الكلبي : تمطر السماء
(١) لعل الصواب : فيكون هذا الخبر على خلاف العقل. [.....]