مفاتيح الغيب، ج ٣١، ص : ١٢٥

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

سورة الأعلى
تسع عشر آية مكية
[سورة الأعلى (٨٧) : الآيات ١ إلى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤)
فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (٥)
اعلم أن قوله تعالى : سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فيه مسائل :
المسألة الأولى : في قوله : اسْمَ رَبِّكَ قولان : أحدهما : أن المراد الأمر بتنزيه اسم اللّه وتقديسه والثاني : أن الاسم صلة والمراد الأمر بتنزيه اللّه تعالى. أما على الوجه الأول ففي اللفظ احتمالات أحدها : أن المراد نزه اسم ربك عن أن تسمي به غيره، فيكون ذلك نهيا على أن يدعى غيره باسمه، كما كان المشركون يسمون الصنم باللات، ومسيلمة برحمان اليمامة وثانيها : أن لا يفسر أسماءه بما لا يصح ثبوته في حقه سبحانه نحو أن يفسر الأعلى بالعلو في المكان والاستواء بالاستقرار بل يفسر العلو بالقهر والاقتداء والاستواء بالاستيلاء وثالثها : أن يصان عن الابتذال والذكر لا على وجه الخشوع والتعظيم، ويدخل فيه أن يذكر تلك الأسماء عند الغفلة وعدم الوقوف على معانيها وحقائقها ورابعها : أن يكون المراد بسبح باسم ربك، أي مجده بأسمائه التي أنزلتها عليك وعرفتك أنها أسماؤه كقوله : قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ [الإسراء : ١١٠] ونظير هذا التأويل قوله تعالى : فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة : ٧٤] ومقصود الكلام من هذا التأويل أمران :
أحدهما : سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، أي صل باسم ربك، لا كما يصلي المشركون بالمكاء والتصدية والثاني :
أن لا يذكر العبد ربه إلا بأسماء التي ورد التوقيف بها، قال الفراء : لا فرق بين سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ وبين فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ قال الواحدي : وبينهما فرق لأن معنى فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ نزه اللّه تعالى بذكر اسمه المنبئ عن تنزيهه وعلوه عما يقول المبطلون، وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ أي نزه الاسم من السوء وخامسها : قال أبو مسلم :
المراد من الاسم هاهنا الصفة، وكذا في / قوله تعالى : وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها [الأعراف : ١٨٠]


الصفحة التالية
Icon