مفاتيح الغيب، ج ٣٢، ص : ٢٥٣

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

سورة الزلزلة
وهي ثمان آيات مكية
[سورة الزلزلة (٩٩) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (١)
هاهنا مسائل :
المسألة الأولى : ذكروا في المناسبة بين أول هذه السورة وآخر السورة المتقدمة وجوها أحدها : أنه تعالى لما قال : جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ [البينة : ٨] فكأن المكلف قال : ومتى يكون ذلك يا رب فقال : إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها فالعالمون كلهم يكونون في الخوف، وأنت في ذلك الوقت تنال جزاؤك وتكون آمنا فيه، كما قال : وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ [النمل : ٨٩] وثانيها : أنه تعالى لما ذكر في السورة المتقدمة وعيد الكافر ووعد المؤمن أراد أن يزيد في وعيد الكافر، فقال : أجازيه حين يقول الكافر السابق ذكره : ما للأرض تزلزل، نظيره قوله : يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [آل عمران : ١٠٦] ثم ذكر الطائفتين فقال : فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ [آل عمران : ١٠٦] وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ [آل عمران : ١٠٧] ثم جمع بينهما في آخر السورة فذكر الذرة من الخير والشر.
المسألة الثانية : في قوله : إِذا بحثان أحدهما : أن لقائل أن يقول : إِذا للوقت فكيف وجه البداية بها في أول السورة؟ وجوابه : من وجوه الأول : كانوا يسألونه متى الساعة؟ فقال : إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ كأنه تعالى قال : لا سبيل إلى تعيينه بحسب وقته ولكني أعينه بحسب علاماته، الثاني : أنه تعالى أراد أن يخبر المكلف أن الأرض تحدث وتشهد يوم القيامة مع أنها في هذه الساعة جماد فكأنه قيل : متى يكون ذلك؟ فقال إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ.
البحث الثاني : قالوا كلمة :(إن) في المجوز، وإذا في المقطوع به، تقول : إن دخلت الدار فأنت طالق لأن الدخول يجوز، أما إذا أردت التعليق بما يوجد قطعا لا تقول : إن بل تقول : إذا [نحو إذا] جاء غد فأنت طالق لأنه يوجد لا محالة هذا هو الأصل، فإن استعمل على خلافه فمجاز، فلما كان الزلزال مقطوعا به قال :
إِذا زُلْزِلَتِ.
المسألة الثالثة : قال الفراء : الزلزال بالكسر المصدر والزلزال بالفتح الاسم، وقد قرئ بهما، وكذلك الوسواس هو الاسم أي اسم الشيطان الذي يوسوس إليك، والوسواس بالكسر / المصدر، والمعنى :


الصفحة التالية
Icon