مفاتيح الغيب، ج ٣٢، ص : ٢٨٨

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

سورة الفيل
خمس آيات مكية
[سورة الفيل (١٠٥) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (١)
روي أن أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بنى كنيسة بصنعاء وسماها القليس وأراد أن يصرف إليها الحاج فخرج من بني كنانة رجل وتغوط فيها ليلا فأغضبه ذلك. وقيل :
أججت رفقة من العرب نارا فحملتها الريح فأحرقتها فحلف ليهدمن الكعبة فخرج بالحبشة ومعه فيل اسمه محمود وكان قويا عظيما، وثمانية أخرى، وقيل : إثنا عشر، وقيل : ألف، فلما بلغ قريبا من مكة خرج إليه عبد المطلب وعرض عليه ثلث أموال تهامة ليرجع فأبى وعبأ جيشه، وقدم الفيل فكانوا كلما وجهوه إلى جهة الحرم برك ولم يبرح، وإذا وجهوه إلى جهة اليمن أو إلى سائر الجهات هرول، ثم إن أبرهة أخذ لعبد المطلب مائتي بعير فخرج إليهم فيها فعظم في عين أبرهة وكان رجلا جسيما وسيما، وقيل : هذا سيد قريش، وصاحب عير مكة فلما ذكر حاجته، قال : سقطت من عيني جئت لأهدم البيت الذي هو دينك ودين آبائك فألهاك عنه ذود أخذلك، فقال أنا رب الإبل وللبيت رب سيمنعك عنه، ثم رجع وأتى البيت وأخذ بحلقته وهو يقول :
لا هم إن المرء يم نع حله فامنع حلالك «١»
وانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك
لا يغلبن صليبهم ومحالهم عدوا محالك «٢»
إن كنت تاركهم وكعبتنا فأمر ما بدا لك
ويقول :
يا رب لا أرجو لهم سواكا يا رب فامنع عنهم حماكا
فالتفت وهو يدعو، فإذا هو بطير من نحو اليمن فقال : واللّه إنها لطير غريبة ما هي بنجدية ولا تهامية،
(١) يروى :
لا هم إن المرء يم نع رحله فامنع رحالك
(٢) الرواية الجيدة :
لا يغلبن صليبهم ومحالهم أبدا محالك


الصفحة التالية
Icon