سُورَةُ الْقَمَرِ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا خَمْسٌ وَخَمْسُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ﴾ [القمر: ٢] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ [القمر: ١] دَنَتِ السَّاعَةُ الَّتِي تَقُومُ فِيهَا الْقِيَامَةُ، وَقَوْلُهُ ﴿اقْتَرَبَتْ﴾ [القمر: ١] افْتَعَلَتْ مِنَ الْقُرْبِ، وَهَذَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِنْذَارٌ لِعِبَادِهِ بِدُنُوِّ الْقِيَامَةِ، وَقُرْبِ فَنَاءِ الدُّنْيَا، وَأَمْرٌ لَهُمْ بِالِاسْتِعْدَادِ لِأَهْوَالِ الْقِيَامَةِ قَبْلَ هُجُومِهَا عَلَيْهِمْ، وَهُمْ عَنْهَا فِي غَفْلَةٍ سَاهُونَ
وَقَوْلُهُ: ﴿وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر: ١] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَانْفَلَقَ الْقَمَرُ، وَكَانَ ذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِمَكَّةَ، قَبْلَ هِجْرَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَذَلِكَ أَنَّ كُفَّارَ أَهْلِ مَكَّةَ سَأَلُوهُ آيَةً، فَأَرَاهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ، آيَةً حُجَّةً عَلَى صِدٍقِ قَوْلِهِ، وَحَقِيقَةِ نُبُوَّتِهِ؛ فَلَمَّا أَرَاهُمُ أَعْرَضُوا وَكَذَّبُوا، وَقَالُوا: هَذَا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ، سَحَرَنَا مُحَمَّدٌ، فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ﴿وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ﴾ [القمر: ٢] وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ جَاءَتِ الْآثَارُ، وَقَالَ بِهِ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ بِذَلِكَ، وَالْإِخْبَارِ عَمَّنْ قَالَهُ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -[١٠٤]- حَدَّثَهُمْ «أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ مَرَّتَيْنِ»


الصفحة التالية
Icon