سُورَةُ الْحَشْرِ مَدَنِيَّةٌ وَآيَاتُهَا أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ﴾ [الحديد: ١] صَلَّى لِلَّهِ وَسَجَدَ لَهُ ﴿مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ مِنْ خَلْقِهِ. ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [إبراهيم: ٤] يَقُولُ: وَهُوَ الْعَزِيزُ فِي انْتِقَامِهِ مِمَّنِ انْتَقَمَ مِنْ خَلْقِهِ عَلَى مَعْصِيَتِهِمْ إِيَّاهُ ﴿الْحَكِيمُ﴾ [البقرة: ٣٢] فِي تَدْبِيرِهِ إِيَّاهُمْ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾ [الحشر: ٢] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لَأَوَّلِ الْحَشْرِ﴾ [الحشر: ٢] اللَّهَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ جَحَدُوا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهُمْ يَهُودُ بَنِي النَّضِيرِ مِنْ دِيَارِهِمْ، وَذَلِكَ خُرُوجُهُمْ عَنْ مَنَازِلِهِمْ وَدُورِهِمْ، حِينَ صَالَحُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ يُؤَمِّنَهُمْ عَلَى دِمَائِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، وَعَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا أَقَلَّتِ الْإِبِلُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَيَخْلُو لَهُ دُورُهُمْ، وَسَائِرَ أَمْوَالِهِمْ، فَأَجَابَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ، فَخَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ


الصفحة التالية
Icon