سُورَةُ التَّحْرِيمِ مَدَنِيَّةٌ وَآيَاتُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ الْمُحَرِّمُ عَلَى نَفْسِهِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ، يَبْتَغِي بِذَلِكَ مَرْضَاةَ أَزْوَاجِهِ، لِمَ تُحَرِّمُ عَلَى نَفْسِكَ الْحَلَالَ الَّذِي أَحَلَّهُ اللَّهُ لَكَ، تَلْتَمِسُ بِتَحْرِيمِكَ ذَلِكَ مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحَلَالِ الَّذِي كَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَحَلَّهُ لِرَسُولِهِ، فَحَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ أَزْوَاجِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ مَارِيَةُ مَمْلُوكَتُهُ الْقِبْطِيَّةُ، حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِيَمِينٍ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا طَالِبًا بِذَلِكَ رِضَا حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ زَوْجَتِهِ، لِأَنَّهَا كَانَتْ غَارَتْ بِأَنْ خَلَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِهَا وَفِي حُجْرَتِهَا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: ثني ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثني زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابَ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ فِي بَيْتِ بَعْضِ نِسَائِهِ؛ قَالَ: فَقَالَتْ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ فِي بَيْتِي وَعَلَى فِرَاشِي؟ فَجَعَلَهَا عَلَيْهِ حَرَامًا؛ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُحَرِّمُ عَلَيْكَ الْحَلَالَ؟ فَحَلَفَ لَهَا بِاللَّهِ لَا يُصِيبُهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ﴾ قَالَ زَيْدٌ: فَقَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، لَغْوٌ