تفسير التستري، ص : ١٩٣
السورة التي يذكر فيها الفجر
[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ١ الى ٣]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَ الْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ (٢) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣)قوله تعالى : وَالْفَجْرِ [١] قال : ظاهرها الفجر الصبح.
وَلَيالٍ عَشْرٍ [٢] قال : يعني عشر ذي الحجة وهي الأيام المعلومات.
وَالشَّفْعِ [٣] آدم وحواء وقيل جميع ما خلق اللّه من الأضداد، الليل والنهار والنور والظلمة والموت والحياة.
[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ٣ الى ٤]
وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤)
وَالْوَتْرِ [٣] هو اللّه تعالى.
وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ [٤] ليلة الجمع تذهب بما فيها قال : باطنها والفجر محمد صلّى اللّه عليه وسلّم منه تفجرت أنوار الإيمان وأنوار الطاعات وأنوار الكونين.
وَلَيالٍ عَشْرٍ [٢] العشرة من أصحابه الذين شهد لهم بالجنة. وَالشَّفْعِ [٣] الفرض والسنة. وَالْوَتْرِ [٣] نية الإخلاص للّه تعالى في الطاعات دون رؤية غيره فيهان.
وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ [٤] أمته وذلك السواد الأعظم كما قال صلّى اللّه عليه وسلّم :«ليلة أسري بي رأيت سوادا عظيما ما بين السماء والأرض فقلت : ما هذا السواد يا جبريل؟ قال : هذه أمتك ولك سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، لم تكلمهم الخطايا، ولم يدنسوا بالدنيا لا يعرفون إلا اللّه» «١»، فأقسم اللّه به وبأصحابه وبأمته.
[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ١٤ الى ١٦]
إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (١٤) فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ (١٦)
وجواب القسم : إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ [١٤] يعني طريق الكل عليه يجازيهم بأعمالهم فأما سالم أو غيره يقول : يجعل رصدا من الملائكة على جسر جهنم معهم الحسك يسألون الخلق عن الفرائض.
فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ [١٥] قال : يعني بعض المؤمنين إذا اختبره ربه بالنعمة فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ [١٥] بما أعطاني من السعة والرزق وذلك له استدراج واغترار. وقد قال الحسن رضي اللّه عنه : لا يزال العبد بخير ما علم ما الذي يفسد عمله. ومنهم من يزين له ما هو فيه ومنهم من تغلبه الشهوة.
وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ [١٦] أي قتر عليه رزقه. فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ [١٦] بالفقر، يقول اللّه : كلا لم أبتله بالغنى لكرامته، ولم أبتله بالفقر لهوانه علي.
ولقد حكي أن فتح الموصلي رجع إلى أهله بعد صلاة العتمة وكان صائما فقال : عشوني فقال : ما عندنا شيء نعشيك به : قال : فما لكم جلوس في الظلمة؟ قالوا : ما عندنا زيت نسرج به.
________
(١) صحيح البخاري : كتاب الطب، باب من اكتوى، رقم ٥٣٧٨، وباب من لم يرق، رقم ٥٤٢٠ وكتاب الرقاق، باب يدخل الجنة، رقم ٦١٧٥.