ج ٤، ص : ٢٦٩
(بسم اللّه الرّحمن الرّحيم)
سورة مريمقوله تعالى :(إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا)، الآية/ ٣.
يدل على أن أفضل الدعاء ما هذه حاله، لأنه أبعد عن الرياء، وأقرب إلى الإخلاص.
قوله تعالى :(وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي)، الآية/ ٤.
يدل على أنه يستحيى للمرء أن يذكر في دعائه نعم اللّه تعالى عليه، وما يليق بالخضوع، لأن قوله :(وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي)، إظهار للخضوع، وقوله :(وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا)، إظهارا لعادات تفضله في إجابة أدعيته،
ثم عقب ذلك بالمسألة فقال :
(وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا)، الآية/ ٥ :
يدل على أن رفع الحاجة إليه، إنما يستحب عند مخافة الضرر في الدين، فإنه خاف من أقاربه الفساد والشر، فطلب من اللّه تعالى ولدا يقوم بالدين بعده، فيرثه النبوة، ويرث من آل يعقوب، ولا يجوز أن يهتم بالدعاء هذا الاهتمام، ومراده أن يورثه المال، فإن ذلك مباين لطريقة الأنبياء،