مجاز القرآن، المقدمة، ص : ١٠
البصرة فلعله ولديها، بعد حياة ليست قصيرة اكتمل فيها نضجه العلمي ارتحل إلى بغداد فى سنة ثمانية وثمانين ومائة حيث جالس الفضل بن الربيع وجعفر ابن يحيى وسمعا منه «١».
ثم يقول مترجموه : إنه خرج إلى بلاد فارس قاصدا موسى بن عبد الرحمن الهلالىّ، ولم يحددوا سنة خروجه «٢».
وفيما بين سنتى ٢٠٩، و٢١٣ توفى «٣» وقد عمّر، وكان وقد بلغ من الكبر المدى- يتمثل بقول الطمحان القينى «٤».
حنتنى حانيات الدهر حتّى كأنى خاتل يدنو لصيد
قريب الخطو يحسب من رآنى - ولست مقيّدا- أنى بقيد
و لم يحضر جنازته- فيما يقول مؤرخوه- أحد لأنه كان شديد النقد لمعاصريه»
مذهبه
تكاد تتفق كلمتهم على أن أبا عبيدة كان من الخوارج، وأنه كان يكتم ذلك ولا يعلنه، ثم اختلفت رواياتهم فى الفرقة التي كان ينتمى إليها فبعضهم يقول إنه
(١) تاريخ بغداد ١٣/ ٢٥٤. الإرشاد ١٩/ ١٥٩ الأغانى ٥/ ١٠٧- ١٠٨، الزبيدي ص ١٢٤.
(٢) الزبيدي ص ١٢٤، ابن خلكان ٢/ ١٥٧.
(٣) مختار اخبار النحويين ١٦٤ ب.
(٤) الزبيدي ص ١٢٦، وانظر المعمرين رقم ٥٣، الأغانى ١١/ ١٢٤.
(٥) ابن خلكان ٢/ ١٥٧.
مجاز القرآن، ج ١، ص : ٨
(بسم اللّه الرّحمن الرّحيم)
قالوا : إنما أنزل القرآن بلسان عربى مبين، وتصداق ذلك فى آية من القرآن، وفى آية أخرى :«وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ» (١٤/ ٤)، فلم يحتج السلف ولا الذين أدركوا وحيه إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلم أن يسألوا عن معانيه لأنهم كانوا عرب الألسن، فاستغنوا بعلمهم به عن المسألة عن معانيه، وعما فيه مما فى كلام العرب مثله من الوجوه والتلخيص. وفى القرآن مثل ما فى الكلام العربي من وجوه الإعراب، ومن الغريب، والمعاني.ومن المحتمل من مجاز ما اختصر وفيه مضمر، قال :«وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا» (٣٨/ ٦)، فهذا مختصر فيه ضمير مجازه :«وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ»، ثم اختصر إلى فعلهم وأضمر فيه : وتواصوا أن أمشوا أو تنادوا أن امشوا أو نحو ذلك. وفى آية أخرى :«ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا» (٢/ ٢٦)، فهذا من قول الكفار، ثم اختصر إلى قول اللّه، وأضمر فيه قل يا محمد :«يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً» (٢/ ٢٦)، فهذا من كلام اللّه.
ومن مجاز ما حذف وفيه مضمر، قال :«وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها» (١٢/ ٨٢)، فهذا محذوف فيه ضمير مجازه : وسل أهل القرية، ومن فى العير.