مجاز القرآن، المقدمة، ص : ٢١
و أشار ابن حجر فى «الفتح» إلى أن رواية أبى جعفر المصادرى (و هو شخص لم أهتد إلى معرفة أي شىء عنه) كانت عند البخاري «١».
الأصول الخطية لكتاب المجاز
حين عزمت على تحقيق كتاب مجاز القرآن كموضوع للحصول على درجة الدكتوراة لم يكن بين يدى من أصوله إلا نسخة إسماعيل صائب () وهى على قيمتها وقدمها لا تكفى لاقامة نص الكتاب لما بها من نقص وانطماس ومحو فى كلماتها ولذلك لزمنى البحث عن غيرها من الأصول فاستحضرت الجزء المحفوظ بدار الكتب المصرية منها، ونسخة من جامعة القاهرة بمصر المصورة عن المخطوطة المحفوظة بمكة المكرمة، ثم حصلت على صورة من نسخة تونس، وأخيرا على نسخة مراد منلا وهى قيمة وقديمة، وبذلك أصبح لدى من أصول كتاب «المجاز» ما استطعت معه أن أجرؤ على إخراجه.
(ا) نسخة مرادمنلا [رقم ٢٠٦- ١٩٢ ق- ١٥- ١٨ س- ٢ ر ٢٤ ١٦ سم ] أشرت إليها بحرف ()، ويرجع تاريخ كتابتها إلى أواخر القرن الرابع فيما أظن، وخطها نسخ جميل، وقد عنى الناسخ بضبط بعض الكلمات التي رأى أنها محتاجة إلى الضبط، ولم يكن مصيبا فى هذا الضبط أحيانا، وخط أوائل السور يشبه الخط الكوفي، واسم الناسخ عمر بن يوسف بن محمد المكتب.
وقد قوبلت هذه النسخة وقرئت، وقد ورد فى الورقتين ١٠٧ ا، ١٩٢ ا عبارة السماع والمقابلة وكتب السماع شخص اسمه «محمد بن مروان».
وقد ألصقت على ظهر الورقة الأولى ورقة خفى بها اسم الكتاب، وكتب بعد :
«كتاب المجاز فى تفسير غريب القرآن عن أبى عبيدة معمر بن المثنى» وقد اعتبرت هذه النسخة أصلا على الرغم من احتوائها على أخطاء، ومن أن التفسير فيها لا يتبع أحيانا ترتيب الآيات كما وردت فى المصحف.
(١) فتح الباري ٨/ ٣٣٩، ٣٤٠.
مجاز القرآن، ج ١، ص : ٢٠
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أمّ الكتاب (١)مجاز تفسير ما فى سورة «الحمد» وهى «أم الكتاب» لأنه يبدأ بكتابتها فى المصاحف قبل سائر القرآن، ويبدأ بقراءتها قبل كلّ سورة فى الصلاة وإنما سمّيت سورة لا تهمز، لأن مجازها من سورة البناء أي منزلة ثم منزلة، ومن همزها جعلها قطعة من القرآن، وسميت السورة لأنها مقطوعة من الأخرى، فلما قرن بعضها إلى بعض سمّى قرآنا. قال النّابغة :
ألم تر أن اللّه أعطاك سورة ترى كلّ ملك دونها يتذبذب (٢)
أي منزلة، وبعض العرب يهمز سورة، ويذهب إلى «أسأرت». نقول :
هذه ليست من تلك.
فمجاز تفسير قوله «بسم اللّه» مضمر، مجازه كأنك قلت : بسم اللّه قبل كل شىء وأول شىء ونحو ذلك، قال عبد اللّه بن رواحة :
بسم الإله وبه بدينا ولو عبدنا غيره شقينا
«١»
(١) : عبد اللّه بن رواحة : بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن مالك...
ابن الخزرج الأنصاري الخزرجي الشاعر المشهور يكنى أبا محمد، ويقال : كنيته أبو رواحة. ترجمته فى الإصابة ٤/ ٤٤٨، رقم ٠٩٠٤٤- والرجز من كلمة روى بعضها البخاري فى غزوة الخندق، ومسلم فى غزوة الأحزاب، كان رسول اللّه (صلعم) يرتجز بها فى يوم الأحزاب إذ كان ينقل تراب الخندق، وورد أيضا فى الجمهرة ٣/ ٢٠٢، اللسان (بدا). العيني ٤/ ٢٨.