سُورَةُ الشَّرْحِ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا ثَمَانٍ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ [الشرح: ٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُذَكِّرَهُ آلَاءَهُ عِنْدَهُ، وَإِحْسَانَهُ إِلَيْهِ، حَاضًّا لَهُ بِذَلِكَ عَلَى شُكْرِهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ، لِيَسْتَوْجِبَ بِذَلِكَ الْمَزِيدَ مِنْهُ: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ﴾ [الشرح: ١] يَا مُحَمَّدُ، لَلْهُدَى وَالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَمَعْرِفَةِ الْحَقِّ ﴿صَدْرَكَ﴾ [الأعراف: ٢] فَنُلِينُ لَكَ قَلْبَكَ، وَنَجْعَلُهُ وِعَاءً لِلْحِكْمَةِ
﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ [الشرح: ٢] يَقُولُ: وَغَفَرْنَا لَكَ مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِكَ، وَحَطَطْنَا عَنْكَ ثِقَلَ أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي كُنْتَ فِيهَا؛ وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ فِيمَا ذُكِرَ: «وَحَلَلْنَا عَنْكَ وِقْرَكَ» ﴿الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ [الشرح: ٣] يَقُولُ: الَّذِي أَثْقَلَ ظَهْرَكَ فَأَوْهَنَهُ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْبَعِيرِ إِذَا كَانَ رَجِيعَ سَفَرٍ، قَدْ أَوْهَنَهُ السَّفَرُ، وَأَذْهَبَ لَحْمَهُ: هُوَ نَقْضُ سَفَرٍ، وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، -[٤٩٣]- فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ [الشرح: ٢] قَالَ: ذَنْبَكَ وَقَوْلُهُ: ﴿الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ [الشرح: ٣] قَالَ: أَثْقَلَ ظَهْرَكَ


الصفحة التالية
Icon