لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٨١
سورة الجمعة
قوله جل ذكره :«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
«بِسْمِ اللَّهِ» اسم عزيز إذا تجلّى لقلب عبد بوصف جماله تجمعت أفكاره على بساط جوده فلم يتفرّق بسواه «١».
ومن تجلّى لسرّه بنعت جلاله اندرجت جملته، واستهلك في وجوده فلم يشعر بكرائم دنياه ولا بعظائم عقباه..
وكم له من إنعام! وكم له من إحسان! وكما في أمثالهم :«جرى الوادي فطمّ على القريّ» «٢» قوله جل ذكره :
[سورة الجمعة (٦٢) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١)
تسبح في بحار توحيد الحقّ أسرار أهل التحقيق، وبحرهم بلا شاطىء فبعد ما حصلوا فيها فلا خروج ولا براح، فحازت أيديهم جواهر التفريد فرصّعوها في تاج العرفان كى يلبسوه يوم اللّقاء.
«الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ».
«الْمَلِكِ» : الملك المتفرّد باستحقاق الجبروت.
«الْقُدُّوسِ» : المنزّه عن الدرك والوصول : فليس بيد الخلق إلّا عرفان الحقائق بنعت التعالي، والتأمل في شهود أفعاله، فأمّا الوقوف على حقيقة إنّيته - فقد جلّت الصمدية عن
_
(١) لاحظ هنا دقة استعمال الاصطلاحين (الجمع والفرق).
(٢) القرى - مجرى الماء في الروضة والجمع : أقرية وأقراء وقريان، ويضرب المثل عند تجاوز الشيء حدّه.


الصفحة التالية
Icon