لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٤٧
سورة المدّثر
قوله جل ذكره :«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
«بِسْمِ اللَّهِ» كلمة سماعها نزهة قلوب الفقراء، كلمة سماعها بهجة أسرار الضعفاء، راحة أرواح الأحبّاء، قوة قلوب الأولياء، سلوة صدور الأصفياء، قرّة عيون أهل البلاء.
قوله جل ذكره :
[سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٧ الى ١]
يا أيها المتدثر بثوبه.
وهذه السورة من أول ما أنزل من القرآن. قيل : إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذهب إلى حراء قبل النّبوة، فبدا له جبريل في الهواء، فرجع الرسول إلى بيت خديجة وهو يقول «دثّرونى دثّرونى» فدثّر بثوب فنزل عليه جبريل وقال :«يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ» «١».
وقيل : أيها الطالب صرف الأذى عنك بالدثار اطلبه بالإنذار.
و يقال : قم بنا، وأسقط عنك ما سوانا، وأنذر عبادنا فلقد أقمناك بأشرف المواقف، ووقفناك بأعلى المقامات.
ويقال : لمّا سكن إلى قوله :«قُمْ» وقام قطع سرّه عن السّكون إلى قيامه، ومن الطمأنينة في قيامه.
قوله جل ذكره :«وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ».
(١) حدّث جابر بن عبد اللّه قال : قال رسول اللّه (ص) : جاورت بحراء شهرا، فلما قضيت جوارى نزلت فاستبطنت بطن الوادي، فنوديت، فنظرت أمامى وخلفى وعن يمينى وعن شمالى فلم أر أحدا، ثم نوديت فنظرت فلم أر أحدا، ثم نوديت فرفعت رأسى فإذا جبريل على عرش في الهواء فأخذتنى رجفة شديدة فأتيت خديجة فقلت :
دثرونى. فصبوا على ماء. رواه البخاري بهذه النهاية : دثرونى وصبوا على ماء باردا فدثرونى وصبوا عليّ ماء باردا فنزلت : يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ».