ج ٩، ص : ٣١١
سورة التّغابن
مدنية وهى ثمانى عشرة اية وفيها ركوعان
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ قد مر تشريحها لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ قدم الظرفان للدلالة على الحصر والجملة الظرفية حال من اللّه وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ لأن نسبة ذاته المقتضية للقدرة إلى كل ممكن على السواء.هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ط يعنى خلقكم اللّه تعالى ثم صار بعضكم كافرا وبعضكم مؤمنا يدل على ذلك فاء التعقيب كما فى قوله تعالى واللّه خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشى على بطنه ومنهم من يمشى على رجلين الآية وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ من الايمان والكفر والطاعة والمعصية بَصِيرٌ فيجازيكم عليه ليس فى هذه الآية دليل للمعتزلة على ان الايمان والكفر ليسا بتقدير اللّه تعالى ولا مخلوقا له بل مخلوقا للعبد فان الأشياء كلها مقدرة فى الأزل قال اللّه تعالى كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ وافعال العباد التي فيه نوع اختيار للعبد حيث يسمى العبد كاسبا لها ويترتب عليها الثواب أو العذاب كلها مخلوقة للّه تعالى قال اللّه تعالى خلقكم وما تعملون هذا هو المذهب الصحيح الذي انعقد عليه اجماع الصحابة ومن بعدهم لا يجوز تاويل الآيات على خلاف هذا المذهب فانها مفضية إلى النار قال اللّه تعالى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ عن أنس بن مالك قال وكل اللّه بالرحم ملكا فيقول أى رب نطفة أى رب علقة أى رب مضغة فإذا أراد اللّه ان يقضى خلقها قال رب إذ كرام أنثى أشقى أم سعيد فما الرزق فما الاجل فيكتب كذلك فى بطن امه رواه البخاري وفى الصحيحين عن ابن مسعود مرفوعا نحو ذلك وفى آخره فو الذي لا اله غيره ان أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيدخلها وروى مسلم عن عبد اللّه بن عمرو مرفوعا كتب اللّه مقادير الخلائق قبل ان يخلق السموات والأرض بخمسين الف سنة قال وعرشه على الماء وفى الباب أحاديث كثيرة وروى عن ابن عباس فى تفسير الآية انه قال ان اللّه خلق بنى آدم مؤمنا وكافرا ثم يعيدهم كما خلقهم مؤمنا وكافرا يعنى خلقهم مقدرا من بعضهم كفره موجها إليه ما يحمله عليه ومن بعضهم
إيمانه موفقا لما يدعوه إليه روى البغوي عن ابن عباس عن أبى بن كعب قال قال رسول اللّه ـ ﷺ ـ ان الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا وقال