قال البخاري : الأنفال المغانم، عن سعيد بن جبير قال، قلت لابن عباس رضي الله عنهما وسورة الأنفال، قال : نزلت في بدر، وروي عن ابن عباس أنه قال : الأنفال الغنائم، كانت لرسول الله ﷺ خالصة ليس لأحد منها شيء؛ قال فيها لبيد :

إن تقوى ربنا خير نَقَلْ وبإذن الله رَيْثى والعجل
وقال ابن جرير عن القاسم بن محمد قال : سمعت رجلاً يسأل ابن عباس عن الأنفال؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما : الفرس من النفل والسلب من النفل، ثم عاد لمسألته، فقال ابن عباس أيضاً، ثم قال الرجل : الأنفال التي قال الله في كتابه ما هي؟ قال القاسم : فلم يزل يسأله حتى كاد يحرجه، فقال ابن عباس : أتدرون ما مثل هذا؟.. مثل صبيغ الذي ضربه عمر بن الخطاب. وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس أنه فسر النفل بما ينفله الإمام لبعض الأشخاص من سلب أو نحوه بعد قسم أصل المغنم، وهو المتبادر إلى فهم كثير من الفقهاء من لفظ النفل، والله أعلم. وقال مجاهد : إنهم سألوا رسول الله ﷺ عن الخمس بعد الأربعة من الأخماس، فنزلت :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال ﴾، وقال ابن مسعود : لا نفل يوم الزحف، إنما النفل قبل التقاء الصفوف، وقال ابن المبارك عن عطاء بن أبي رباح في الآية ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال ﴾ قال : يسألونك فيما شذ من المشركين إلى المسلمين في غير قتال من دابة أو عبد أو أمة أو متاع، فهو نفل للنبي ﷺ صنع به ما يشاء، قال ابن جرير وقال آخرون : هي أنفال السرايا، بلغني في قوله تعالى :﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال ﴾ قال : السرايا، ومعنى هذا ما ينفله الإمام لبعض السرايا زيادة على قسمهم مع بقية الجيش، وقد صرح بذلك الشعبي، واختار ابن جرير أنها الزيادة على القم ويشهد بذلك ما ورد في سبب نزول الآية وهو ما روي عن سعد بن أبي وقاص قال :« لما كان يوم بدر قتل أخي ( عمير ) وقتلت ( سعيد بن العاص ) وأخذت سيفه، وكان يسمى ذا الكتيفة، فأتيت به النبي ﷺ فقال :» اذهب فاطرحه في القبض «، قال : فرجعت وبي ما لا يعلمه الله من قتل أخي وأخذ سلبي، قال : فما جاوزت إلا يسيراً، حتى نزلت سورة الأنفال فقال لي رسول الله ﷺ :» اذهب فخذ سلبك «.
سبب آخر في نزول الآية
وقال الإمام أحمد عن أبي أمامة قال : سألت ( عبادة ) عن الأنفال، فقال : فينا أصحاب بدر نزلت، حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا، فانتزعه الله من أيدينا، وجعله إلى رسول الله ﷺ فقسمه رسول الله ﷺ بين المسلمين عن بواء، يقول : عن سواء، وقال الإمام أحمد أيضاً عن عبادة بن الصامت قال :


الصفحة التالية
Icon