قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور. ﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ ﴾ أي هذا كتاب أنزلناه إليك يا محمد، وهو ( القرآن العظيم ) الذي هو أشرف كتاب أنزله الله من السماء على أشرف رسول بعثه الله في الأرض، إلى جميع أهلها عربهم وعجمهم، ﴿ لِتُخْرِجَ الناس مِنَ الظلمات إِلَى النور ﴾ أي إنما بعثناك يا محمد بهذا الكتاب لتخرج الناس مما هم فيه من الضلال والغي، إلى الهديوالرشد، كما قال تعالى :﴿ هُوَ الذي يُنَزِّلُ على عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور ﴾ [ النور : ٩ ] الآية، وقال تعالى :﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ﴾ أي هو الهادي لمن قدر له الهداية على يدي رسوله المبعوث عن أمره، يهديهم ﴿ إلى صِرَاطِ العزيز ﴾ أي العزيز الذي لا يمانع ولا يغالب بل هو القاهر لكل ما سواه، ﴿ الحميد ﴾ أي المحمود في جميع أفعاله وأقواله وشرعته وأمره ونهيه، الصادق في خبره، ﴿ الله الذي لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض ﴾ بالجر على الاتباع صفة للجلالة، كقوله تعالى :﴿ قُلْ ياأيها الناس إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الذي لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض ﴾ [ الأعراف : ١٥٧ ] الآية، وقوله :﴿ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ أي ويل لهم يوم القيامة إذ خالفوك يا محمد وكذبوك، ثم وصفهم بأنهم يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة، أي يقدمونها ويؤثرونها عليها ويعملون للدنيا، ونسوا الآخرة وتركوها وراء ظهورهم. ﴿ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾ وهي اتباع الرسل، ﴿ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً ﴾ أي ويحبون أن تكون سبيل الله عوجاً مائلة عائلة، وهي مستقيمة في نفسها، لا يضرها من خالفها ولا من خذلها، فهم في ابتغائهم ذلك في جهل وضلال بعيد من الحق لا يرجى لهم والحالة هذه صلاح.