سُورَةُ الْمَسَدِ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا خَمْسٌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ﴾ [المسد: ٢] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: خَسِرَتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ، وَخَسِرَ هُوَ. وَإِنَّمَا عُنِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ [المسد: ١] تَبَّ عَمَلُهُ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُ: قَوْلُهُ: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ [المسد: ١] دُعَاءٌ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَتَبَّ﴾ [البقرة: ١٢٨] فَإِنَّهُ خَبَرٌ. وَيُذْكَرُ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: «تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَقَدْ تَبَّ». وَفِي دُخُولِ قَدْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ، وَيُمَثَّلُ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْقَائِلِ، لِآخَرَ: أَهْلَكَكَ اللَّهُ، وَقَدْ أَهْلَكَكَ، وَجَعَلَكَ صَالِحًا وَقَدْ جَعَلَكَ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ [المسد: ١] قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ [المسد: ١] أَيْ «خَسِرَتْ وَتَبَّ»
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [المسد: ١] قَالَ: التَّبُّ " الْخُسْرَانُ، قَالَ: قَالَ أَبُو لَهَبٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَاذَا أُعْطَى يَا مُحَمَّدُ إِنْ آمَنْتُ بِكَ؟ قَالَ؟ «كَمَا يُعْطَى الْمُسْلِمُونَ» فَقَالَ: مَا -[٧١٥]- لِي عَلَيْهِمْ فَضْلٌ؟ قَالَ: «وَأَيُّ شَيْءٍ تَبْتَغِي؟» قَالَ: تَبًّا لِهَذَا مِنْ دِينٍ تَبًّا، أَنْ أَكُونَ أَنَا وَهَؤُلَاءِ سَوَاءً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ [المسد: ١] يَقُولُ: بِمَا عَمِلَتْ أَيْدِيهِمْ "