قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة، وقوله عزّ وجلّ :﴿ كَذَلِكَ يوحي إِلَيْكَ وَإِلَى الذين مِن قَبْلِكَ الله العزيز الحكيم ﴾ أي كما أنزل إليك هذا القرآن كذلك أنزل على الأنبياء قبلك، وقوله تعالى :﴿ الله العزيز ﴾ أي في انتقامه، ﴿ الحكيم ﴾ في أقواله وأفعاله، عن عائشة رضي الله عنها قالت :« إن ( الحارث بن هشام ) سأل رسول الله ﷺ فقال : يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله ﷺ :» أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحياناً يأتيني المَلك رجلاً، فيكلمني فأعي ما يقول «. قالت عائشة رضي الله عنها : فلقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه، وإن جبينه ﷺ ليتفصد عرقاً » وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال :« سألت رسول الله ﷺ، فقلت : يا رسول الله هل تحس بالوحي؟ فقال رسول الله ﷺ :» اسمع صلاصل، ثم أسكت عند ذلك، فما من مرة يوحى إليَّ إلا ظننت أن نفسي تقبض « » وقوله تبارك وتعالى :﴿ لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض ﴾ أي الجميع عبيد له وملك له تحت قهره وتصريفه ﴿ وَهُوَ العلي العظيم ﴾ كقوله تعالى :﴿ الكبير المتعال ﴾ [ الرعد : ٩ ]، ﴿ وَهُوَ العلي الكبير ﴾ [ سبأ : ٢٣ ]، والآيات في هذا كثيرة. وقوله عزّ وجلّ :﴿ تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ ﴾ قال ابن عباس والسدي : أي فَرَقاً من العظمة، ﴿ والملائكة يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأرض ﴾ كقوله عزّ وجلّ :﴿ الذين يَحْمِلُونَ العرش وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً ﴾ [ غافر : ٧ ]، وقوله جلّ جلاله :﴿ أَلاَ إِنَّ الله هُوَ الغفور الرحيم ﴾ إعلام بذلك وتنويه به، وقوله سبحانه وتعالى :﴿ والذين اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ﴾ يعني المشركين ﴿ الله حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ ﴾ أي شهيد على أعمالهم يحصيها ويعدها عداً، وسيجزيهم بها أوفر الجزاء، ﴿ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ﴾ أي إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل.