قال الشعبي : الخالق يقسم بما شاء من خلقه، والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم إلا بالخالق، واختلف المفسرون في معنى قوله :﴿ والنجم إِذَا هوى ﴾ فقال مجاهد : يعني بالنجم الثريا إذا سقطت مع الفجر، واختاره ابن جرير، وزعم السدي : أنها الزهرة، وقال الضحاك :﴿ والنجم إِذَا هوى ﴾ إذا رمي به الشياطين. وهذه الآية كقوله تعالى :﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النجوم * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾ [ الواقعة : ٧٥-٧٧ ]. وقوله تعالى :﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غوى ﴾ هذا هو المقسم عليه، وهو الشهادة للرسول ﷺ بأنه راشد، تابع للحق ليس بضال، والغاوي : مر العالم بالحق العادل عنه قصداً إلى غيره، فنزه الله رسوله عن مشابهة أهل الضلال، كالنصارى وطرائق اليهود، وهي علم الشيء وكتمانه، والعمل بخلافه، بل هو صلاة الله وسلامه عليه، وما بعثه الله به من الشرع العظيم، في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد، ولهذا قال تعالى :﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى ﴾ أي ما يقول قولاً عن هوى وغرض ﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يوحى ﴾ أي إنما يقول ما أمر به، يبلغه إلى الناس كاملاً موفوراً، من غير زيادة ولا نقصان، كما روى الإمام أحمد، عن عبد الله بن عمرو قال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله ﷺ أريد حفظه فنهتني قريش، فقالوا :« إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله ﷺ ورسول الله ﷺ بشر يتكلم في الغضب، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ فقال :» اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق « وقال ﷺ :» ما أخبرتكم أنه من عند الله فهو الذي لا شك فيه « » وعن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ أنه قال :« » لا أقول إلا حقاً « قال بعض أصحابه : فإنك تداعبنا يا رسول الله؟ قال :» إني لا أقول إلا حقاً « ».


الصفحة التالية
Icon