يخبر تعالى عن اقتراب الساعة وفراغ الدنيا وانقضائها، كما قال تعالى :﴿ أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ ﴾ [ النحل : ١ ]، وقال :﴿ اقترب لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ ﴾ [ الأنبياء : ١ ]، وقد وردت الأحاديث بذلك، روى الحافظ أبو بكر البزار، عن أنس أن رسول الله ﷺ خطب أصحابه ذات يوم وقد كادت الشمس أن تغرب فلم يبق منها إلا سف يسير فقال :« والذي نفسي بيده ما بقي من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه وما نرى من الشمس إلا يسيراً »، وقال الإمام أحمد، عن سهل بن سعد قال :« سمعت رسول الله ﷺ يقول :» بعثت أنا والساعة هكذا « وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى »، وفي لفظ :« بعثت أنا والساعة كهذه من هذه إن كادت لتسبقني » وجمع الأعمش بين السبابة والوسطى، وقال الإمام أحمد، عن خالد بن عمير، قال : خطبنا رسول الله ﷺ : فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال :« أما بعد، فإن الدنيا قد آذنت بصُرْم وولت حَذَّاءَ، ولم يبق منه إلا صُبابة الإناء يتصابها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا منها بخير ما يحضرنكم، فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاماً ما يدرك لها قعراً، والله لتملؤنه أفعجبتم؟ والله لقد ذكرنا لنا أن ما بين مصراعي الجنة مسيرة أربعين عاماً، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الرخام » وذكر تمام الحديث. وعن عبد الرحمن السلمي قال : نزلنا المدائن فكنا منها على فرسخ فجاءت الجمعة أبي وحضرت معه، فخطبنا حذيفة فقال : ألا إن الله يقول :﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾، ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشق، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم المضمار وغداً السباق، فقلت لأبي أيستبق الناس غداً؟ فقال : يا بني إنك لجاهل إنما هو السباق بالأعمال، وقوله تعالى :﴿ وانشق القمر ﴾ قد كان هذا في زمان رسول الله ﷺ كما ورد ذلك في الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة، وقد ثبت في الصحيح عن ابن مسعود أنه قال :« خمس قد مضين : الروم والدخان واللزام والبطشة والقمر »، وهذا أمر متفق عليه بين العلماء أن انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي ﷺ، وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات.
( ذكر الأحاديث الواردة في ذلك )
( رواية أنَس بن مالك ) : روى الإمام أحمد عن أنَس بن مالك قال :« سأل أهل مكة النبي ﷺ آية فانشق القمر بمكة مرتين، فقال :﴿ اقتربت الساعة وانشق القمر ﴾ »