يخبر تعالى أنه يسبّح له ما في السماوات والأرض، أي من الحيوانات والنباتات، كما قال في الآية الأُخْرِى :﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السماوات السبع والأرض وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ﴾ [ الإسراء : ٤٤ ] وقوله تعالى :﴿ وَهُوَ العزيز ﴾ أي الذي قد خضع له كل شيء، ﴿ الحكيم ﴾ في خلقه وأمره وشرعه، ﴿ لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾ أي هو المالك المتصرف في خلقه، فيحيي ويميت، ﴿ وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ أي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وقوله تعالى :﴿ هُوَ الأول والآخر والظاهر والباطن ﴾ وهذه الآية هي المشار إليها في حديث العرباض بن سارية أنها أفضل من ألف آية، روى أبو داود، عن أبي زميل قال : سألت ابن عباس فقلت : ما شيء أجده في صدري؟ قال : ما هو؟ قلت : والله لا أتكلم به. قال، فقال لي : عباس فقلت : ما شيء أجده في صدري؟ قال : ما هو؟ قلت : والله لا أتكلم به. قال، فقال لي : أشيء من شك؟ قال، وضحك، قال : ما نجا من ذلك أحد، قال : حتى أنزل الله تعالى :﴿ فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الذين يَقْرَءُونَ الكتاب مِن قَبْلِكَ ﴾ [ يونس : ٩٤ ]، وقد اختلف عبارات المفسرين في هذه الآية، وأقوالهم على نحو من بضعة عشر قولاً، وقال البخاري، قال يحيى : الظاهر على كل شيء علماً، والباطن على كل شيء علماً، روى الإمام أحمد، عن أبي هريرة « أن رسول الله ﷺ كان يدعو عند النوم :» اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، منزل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحب والنوى، لا إله إلاّ أنت، أعوذ بكل من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر « ».
وروى الترمذي، عن أبي هريرة قال :« بينما نبي الله ﷺ جالس وأصحابه إذا أتى عليهم سحاب، فقال نبي الله ﷺ :» هل تدرون ما هذا؟ « قالوا : الله ورسوله أعلم، قال :» هذا العنان، هذه روايا الأرض تسوقه إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه «، ثم قال :» هل تدرون ما فوقكم؟ « قالوا : الله ورسوله أعلم، قال :» فإنها الرفيع سقف محفوظ وموج مكفوف «، ثم قال :» هل تدرون كم بينكم وبينها؟ « قالوا : الله ورسوله أعلم، قال :» بينكم وبينها خمسمائة سنة «، ثم قال : هل تدرون ما فوق ذلك؟ » قالوا : الله ورسوله أعلم، قال :« فإن فوق ذلك سماء بعد ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة - حتى عد سبع سماوات - ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض »، ثم قال :« هل تدرون ما فوق ذلك؟ » قالوا : الله ورسوله أعلم، قال :« فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء مثل ما بين السماءين » ثم قال :« هل تدرون ما الذي تحتكم؟ » قالوا : الله ورسوله أعلم، قال :« فإنها الأرض »، ثم قال :« هل تدرون ما الذي تحت ذلك؟ » قالوا : الله ورسوله أعلم، قال :« فإن تحتها أرضاً أُخْرى بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة »، ثم قال :« والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم حبلاً إلى الأرض السفلى لهبط على الله »، ثم قرأ :﴿ هُوَ الأول والآخر والظاهر والباطن وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ «


الصفحة التالية
Icon