يقول تعالى :﴿ إِذَا السمآء انشقت ﴾ وذلك يوم القيامة، ﴿ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا ﴾ أي استمعت لربها وأطاعت أمره فيما أمرها به من الانشقاق، وذلك يوم القيامة ﴿ وَحُقَّتْ ﴾ أي وحق لها أن تطيع أمره، لأنه العظيم الذي لا يمانع ولا يغالب، بل قد قهر كل شيء وذل له كل شيء، ثم قال :﴿ وَإِذَا الأرض مُدَّتْ ﴾ أي بسطت وفرشت ووسعت، وفي الحديث « إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم، وحتى لا يكون لبشر من الناس إلاّ موضع قدميه » وقوله تعالى :﴿ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ﴾ أي ألقت ما في بطونها من الأموات وتخلت عنهم، ﴿ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾ كما تقدم، وقوله :﴿ ياأيها الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إلى رَبِّكَ كَدْحاً ﴾ أي إنك ساع إلى ربك سعياً وعامل عملاً ﴿ فَمُلاَقِيهِ ﴾ ثم إنك ستلقى ما عملت من خير أو شر، عن جابر قال، قال رسول الله ﷺ :« قال جبريل : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، وأحب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه »، ومن الناس من يعيد الضمير على قوله ﴿ رَبِّكَ ﴾ أي فملاق ربك ومعناه فيجازيك بعملك ويكافئك على سعيك، قال ابن عباس : تعمل عملاً الله به خيراً كان أو شراً، وقال قتادة :﴿ ياأيها الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إلى رَبِّكَ كَدْحاً ﴾ إن كدحك يا ابن آدم لضعيف، فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فيلفعل ولا قوة إلاّ بالله، ثم قال تعالى :﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً ﴾ أي سهلاً لا تعسير أي لا يحقق عليه جميع دقائق أعماله، فإن من حوسب كذلك هلك لا محالة، روى الإمام أحمد « عن عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله ﷺ :» من نوقش الحساب عذب «، قالت، فقلت : أفليس قال الله تعالى :﴿ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً ﴾، قال :» ليس ذلك بالحساب، ولكن ذلك العرض، من نوقش الحساب يوم القيامة عذب « » وروى ابن جرير، « عن عائشة رضي الله عنها قالت؛ قال رسول الله ﷺ :» إنه ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلاّ معذباً «، فقلت : أليس الله يقول ﴿ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً ﴾ ؟ قال :» ذاك العرض، إنه من نوقش الحساب عذب «، وقال بيده على إصبعه كأنه ينكت » وفي رواية عن عائشة قالت :« من نوقش الحساب - أو من حوسب - عذب، ثم قالت : إنما الحساب اليسير عرض الله تعالى وهو يراهم » وقوله تعالى :﴿ وَيَنقَلِبُ إلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً ﴾ أي ويرجع إلى أهله في الجنة ﴿ مَسْرُوراً ﴾ أي فرحاً مغتبطاً بما أعطاه الله عزَّ وجلَّ، وقد روى الطبراني عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ أنه قال :


الصفحة التالية
Icon