عن ابن عباس :« أن رسول الله ﷺ كان إذا قرأ :﴿ سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى ﴾ قال :( سبحان ربي الأعلى ) » وقوله تعالى :﴿ الذي خَلَقَ فسوى ﴾ أي خلق الخليقة وسوّى كل مخلوق في أحسن الهيئات، وقوله تعالى :﴿ والذي قَدَّرَ فهدى ﴾. قال مجاهد : هدى الإنسان للشقاوة والسعادة. وهدى الأنعام لمراتعها، وهذه الآية كقوله تعالى :﴿ قَالَ رَبُّنَا الذي أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هدى ﴾ [ طه : ٥٠ ] أي قدّر قدراً وهدى الخلائق إليه، كما ثبت في « صحيح مسلم » :« إن الله قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء » وقوله تعالى :﴿ والذي أَخْرَجَ المرعى ﴾ أي من جميع صنوف النباتات والزروع، ﴿ فَجَعَلَهُ غُثَآءً أحوى ﴾ قال ابن عباس : هشيماً متغيراً، وقوله تعالى :﴿ سَنُقْرِئُكَ ﴾ أي يا محمد ﴿ فَلاَ تنسى ﴾ وهذا إخبار من الله تعالى ووعد منه له، بأنه سيقرئه قراءة لا ينساها ﴿ إِلاَّ مَا شَآءَ الله ﴾ وهذا اختيار ابن جرير، وقال ابن قتادة :« كان رسول الله ﷺ لا ينسى شيئاً إلاّ ما شاء الله »، وقوله تعالى :﴿ إِنَّهُ يَعْلَمُ الجهر وَمَا يخفى ﴾ أي يعلم ما يجهر به العباد، وما يخفونه من أقوالهم وأفعالهم، لا يخفى عليه منه ذلك شيء، وقوله تعالى :﴿ وَنُيَسِّرُكَ لليسرى ﴾ أي نسهل عليك أفعال الخير، ونشرع لك شرعاً سهلاً سمحاً، لا اعوجاج فيه ولا حرج ولا عشر، وقوله تعالى :﴿ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذكرى ﴾ أي ذكّر حيث تنفع التذكرة، ومن ههنا يؤخذ الأدب في نشر العلم فلا يضعه عند غير أهله، كما قال علي رضي الله عنه : ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلاّ كان فتنة لبعضهم. وقال : حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله؟ وقوله تعالى :﴿ سَيَذَّكَّرُ مَن يخشى ﴾ أي سيتعظ بما تبلغه يا محمد من قبله يخشى الله ويعلم أنه ملاقيه، ﴿ وَيَتَجَنَّبُهَا الأشقى * الذى يَصْلَى النار الكبرى * ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا ﴾ أي لا يموت فيستريح، ولا يحيى حياة تنفعه بل هي مضرة عليه، لأن بسببها يشعر ما يعاقب به من أليم العذاب وأنواع النكال، عن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول الله ﷺ :« أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن أناس تصبيهم النار بذنوبهم - أو قال بخطاياهم - فيميتهم إماتة حتى إذا ما صاروا فحماً أذن في الشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر، فبثوا على أنهار الجنة فيقال : يا أهل الجنة أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة في حميل السيل » ﴿ وَنَادَوْاْ يامالك لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ ﴾ [ الزخرف : ٧٧ ]، وقال تعالى :﴿ لاَ يقضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا ﴾ [ فاطر : ٣٦ ] إلى غير ذلك من الآيات في هذا المعنى.


الصفحة التالية
Icon