تقديم كتاب
» التحرير والتنوير «
لفضيلة الإمام :
الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور
إعداد : المهدي بن حميدة
٢٠٠١م /١٤٢٢هـ
مقدمة :
لقد كانت لي رغبة في تصفح »
التحرير والتنوير « هذا التفسير الضخم الذي يقع في ثلاثين جزءا، ولم أسمع بأن هناك تفسيرا اسمه » التحرير والتنوير « إلا في سنة ١٩٨٥ منذ ذلك الزمن وأنا أتطلع إلى معرفة ما فيه وأتكشف إلى مطالعة طريقته في التفسير بعد أن سطعت في الآفاق كتابات الشهيد سيد قطب وتفسيره " في ظلال القرآن " وحالت السياسة دون وقوفي على تراثنا العلمي والثقافي والحضاري لرجالات تونس. منذ ذلك الوقت لم أجد من متسع للاطلاع على هذا التفسير وتذوق ألفاظه وكلماته، بعد أن سمعت عنه ورأيته عند أبي الذي اقتناه ولم يكمل قراءته وهو الذي عاش مع مؤلفه في جنبات جامع الزيتونة وتخرج منه.
رغبة شديدة ملكتني في اقتفاء آثار "جامع الزيتونة " بعد أن طمست معالمه ومسحت آثاره ولم يبق منه سوى الحمَام المغرد - ويا ليتنا نفهم تغريده - وما أحسب إلا أنه يشكو وينعى للأجيال القادمة ما أصاب هذه المنارة المشرقة وما لحق بها. أكتب هذه الكلمات ولم يكن لي من نصيب من هذا الجامع العريق سوى ركعتين أديتهما هربا إذ فررت منهم لما خفتهم، وشاء القدر أن أكفكف دموعي وأغسل آثار تلك الغازات التي علقت بي من أعوان "الخليفة" الذي يجلس في القصر بماء الجامع الذي ساقني القدر إليه و"الميضة" (١) [١] التي تتابع واغتسل من ينابيعها أمم، أبطال وقادة وجيوش تعاقبوا على هذا المكان ليفتحوا جنوب إيطاليا ويرسموا على صفحات التاريخ أروع البطولات وأزكي أنواع الانتصارات، فكانوا قادة فاتحين وعلماء متفقهين وحكاما عادلين، ولولا قبورهم التي تشهد لاجترأ هؤلاء المتربصون على أن يقولوا قولتهم اللعينة: متى كانت تونس عربية أو إسلامية ؟ حتى تطالبونا بفتح المساجد وعلى رأسهم جامع الزيتونة!


الصفحة التالية
Icon