﴿أفتطمعون أَن يُؤمنُوا لكم وَقد كَانَ فريق مِنْهُم يسمعُونَ كَلَام الله ثمَّ يحرفونه من بعد مَا عقلوه وهم يعلمُونَ (٧٥) وَإِذا لقوا الَّذين آمنُوا قَالُوا آمنا وَإِذا خلا﴾
وَقد قَالَ مُجَاهِد: لَا ينزل حجر من [الْأَعْلَى] إِلَى الْأَسْفَل إِلَّا من خشيَة الله.
وَيشْهد لكل مَا قُلْنَا. قَوْله تَعَالَى: ﴿لَو أنزلنَا هَذَا الْقُرْآن على جبل لرأيته خَاشِعًا متصدعا من خشيَة الله﴾.
﴿وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ أَي: يُشَاهد مَا تَصْنَعُونَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أفتطمعون﴾ أَي: ترجون ﴿أَن يُؤمنُوا لكم﴾ أَي: يصدقونكم بِمَا تخبرونهم بِهِ. ﴿وَقد كَانَ فريق مِنْهُم يسمعُونَ كَلَام الله ثمَّ يحرفونه من بعد مَا عقلوه﴾ وَفِيه قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنهم سمعُوا التَّوْرَاة ثمَّ حرفوا مَا فِيهَا من الْأَحْكَام ونعت مُحَمَّد.
القَوْل الثَّانِي: أَنه أَرَادَ بِهِ السّبْعين الَّذين حملهمْ مُوسَى إِلَى الطّور حِين قَالُوا: إِن كنت ترى الله فَيَنْبَغِي أَن نرى الله، وَإِن كنت تسمع كَلَام الله؛ فَيَنْبَغِي أَن نسْمع كَلَام الله. فَقَالَ مُوسَى: أما أَنا فَلَا أرى الله، وَلَكِنِّي أسمع كَلَامه، ثمَّ سَأَلَ مُوسَى ربه تَعَالَى أَن يسمعهم كَلَامه فَقَالَ الله تَعَالَى: مرهم فليصوموا كَذَا وليغسلوا أَو ليلبسوا ثيابًا جددا نظيفة، ثمَّ ليحضروا فَفَعَلُوا ذَلِك. وسمعوا كَلَام الله.
وَفِي التَّفْسِير: أَنه قَالَ لَهُم: أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا، أخرجتكم من مصر بيد شَدِيدَة فاعبدوني وَلَا تُشْرِكُوا بِي شَيْئا، وافعلوا كَذَا، وَكَذَا فَلَمَّا سمعُوا كَلَامه، خرجت أَرْوَاحهم وماتوا فأحياهم الله تَعَالَى فَقَالُوا لمُوسَى: إِنَّا لَا نطيق أَن نسْمع كَلَامه، فاسمع أَنْت، وبلغنا إِيَّاه. ثمَّ رجعُوا إِلَى قَومهمْ قَالُوا: قد سمعنَا كَلَام الله، وَقد أمرنَا أَن نَفْعل كَذَا وَكَذَا، لكنه قَالَ: افعلوا إِن شِئْتُم أَو إِن اسْتَطَعْتُم.
وَفِي رِوَايَة قَالَ: لَا ترتكبوا كَذَا وَكَذَا إِلَّا أَن يكون لكم بُد؛ فارتكبوا، فَهَذَا معنى


الصفحة التالية
Icon