بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
﴿أَتَى أَمر الله فَلَا تستعجلوه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يشركُونَ (١) ينزل الْمَلَائِكَة بِالروحِ﴾تَفْسِير سُورَة النَّحْل
وَهِي مَكِّيَّة سوى ثَلَاث آيَات من آخرهَا، وَهِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ إِلَى آخر السُّورَة، وَقيل: إِن قَوْله: ﴿ثمَّ إِن رَبك للَّذين هَاجرُوا من بعد فتنُوا﴾ الْآيَة مَدَنِيَّة أَيْضا، وَهَذِه السُّورَة تسمى سُورَة النعم، وَقيل: سُورَة الآلاء.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَتَى أَمر الله﴾ أَي: دنا وَقرب، كَالرّجلِ يَقُول لغيره: أَتَاك الْخَبَر، أَو أَتَاك الْغَوْث إِذا دنى مِنْهُ، وَيُقَال: إِن مَعْنَاهُ سَيَأْتِي أَمر الله، وَهَذَا مثل مَا يَقُول الْقَائِل: إِذا أكرمتني أكرمتك أَي: أكرمك. وَاخْتلفُوا فِي معنى قَوْله: ﴿أَمر الله﴾ فالأكثرون على أَن المُرَاد مِنْهُ عُقُوبَته وعذابه للمكذبين الجاحدين.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن المُرَاد من أَمر الله هُوَ الْفَرَائِض وَالْأَحْكَام، ذكره الضَّحَّاك، وَهَذَا قَول ضَعِيف. وَزعم الْكَلْبِيّ وَغَيره أَن المُرَاد مِنْهُ الْقِيَامَة.
وَقَوله: ﴿فَلَا تستعجلوه﴾ الاستعجال طلب الشَّيْء قبل حِينه، وَمَعْنَاهُ: لَا تطلبوه قبل وقته، وَرُوِيَ عَن أبي بكر الصّديق - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: لما نزل قَوْله: ﴿أَتَى أَمر الله﴾ رفع الْكفَّار رُءُوسهم، وظنوا أَنَّهَا قد أَتَت حَقِيقَة، لما قَالَ: ﴿فَلَا تستعجلوه﴾ خفضوا رُءُوسهم. وَفِي بعض الْأَخْبَار: " أَنه لما نزل قَوْله تَعَالَى: ﴿أَتَى أَمر الله﴾ قَامَ رَسُول الله فَزعًا، فَقَالَ جِبْرِيل: فَلَا تستعجلوه "، قد ذكره مقَاتل فِي تَفْسِيره.
وَقَوله: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يشركُونَ﴾ مَعْنَاهُ: تعاظم بالأوصاف الحميدة عَمَّا يصفه بِهِ (الْمُشْركُونَ).
قَوْله تَعَالَى: ﴿ينزل الْمَلَائِكَة بِالروحِ من أمره﴾ روى