﴿إِن فِي ذَلِك لآيَة لقوم يعْقلُونَ (٦٧) وَأوحى رَبك إِلَى النَّحْل أَن اتخذي من الْجبَال بُيُوتًا وَمن الشّجر وَمِمَّا يعرشون (٦٨) ثمَّ كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل رَبك دللا﴾ السكر:
(بئس الضجيع وَبئسَ الشّرْب شربهم | إِذا جرى فيهم المزاء وَالسكر) |
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأوحى رَبك إِلَى النَّحْل﴾ الْآيَة، وَأوحى رَبك أَي: ألهم رَبك، وَالْوَحي فِي اللُّغَة هُوَ إِعْلَام الشَّيْء فِي الستْرَة، وَقد يكون ذَلِك بِالْكِتَابَةِ، وَقد يكون بِالْإِشَارَةِ وَقد يكون بالإلهام، وَقد يكون بالْكلَام الْخَفي، وَقَالَ بَعضهم معنى قَوْله: ﴿وَأوحى رَبك إِلَى النَّحْل﴾ أَي: جعل فِي غرائزها ذَلِك، وَقيل: أوحى بِمَعْنى سخر، وذلل، وَأَصَح الْأَقَاوِيل هُوَ الأول. وَقَوله: ﴿إِلَى النَّحْل﴾ والنحل: ذُبَاب الْعَسَل، وَفِي رِوَايَة ابْن عمر عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " كل الذُّبَاب فِي النَّار إِلَّا النَّحْل " وَالْخَبَر غَرِيب.
وَقَوله: ﴿أَن اتخذي من الْجبَال بُيُوتًا وَمن الشّجر﴾ أَي: خلايا، وَهِي الْأَمْكِنَة الَّتِي يضع النَّحْل فِيهَا الْعَسَل، وَيُقَال: إِنَّمَا يضع الْعَسَل فِي أَجْوَاف الْأَشْجَار، وَقد يضع على أَغْصَان الْأَشْجَار، وَقَوله: ﴿وَمِمَّا يعرشون﴾ يَعْنِي: يبنون، وَقد جرت عَادَة أَهلهَا أَنهم يبنون لَهَا الْأَمَاكِن فَهِيَ تأوي إِلَيْهَا بتسخير الله إِيَّاهَا لذَلِك.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل رَبك﴾ أَي: طرق رَبك، قَالَ مُجَاهِد: هِيَ تسلك سبلها لَا يتوعر عَلَيْهَا مَكَان.