(١)
يزخر القرآن الكريم بالكثير من المظاهر الصوتية التي لها دلالتها في أدائه؛ مما يعين على فهم المراد منه بأيسر طريق وأوضحه، إذ يُعرِب القارئ عن المعنى بطريقة نُطقه، فيتلقّفه السامع مباشرة، من غير مشقة أو عُسر. ولعل هذا من أهم ميزات أن يُؤخذ القرآن الكريم مشافهةً، لا قراءة من المصاحف المكتوبة؛ إذ لا يمكننا في كثير من الأحيان أن نجد في المصاحف المعتمَدة علامات ترقيم تهدينا إلى معاني الأساليب المختلفة في القرآن الكريم، أو ترابط الكلمات والجمل وعلاقات بعضها ببعض، فتكون طريقة نطق الآيات وأدائها خير هاد إلى تلك المعاني وتلك العلاقات.
ويبدو أن هذا الجانب المهم قد أغفلته طائفة من الدراسات التي تناولت ترجمات معاني القرآن المختلفة بالتحليل والنقد؛ لاقتصار أغلبها - أي تلك الدراسات - على تتبع معاني المفردات، والنظر في قضية التعادل بين اللغة الأصلية واللغة الهدف في عملية الترجمة، أو صحة المعاني العامة وموافقتها لما عليه عقيدة المسلمين؛ ومن هنا جاءت هذه الدراسة لاستدراك بعض ذلك، وبيان اختلاف المفسرين في معنى الآية الواحدة بحسب طريقة أدائها، مما يؤثر - ولا شك - في طريقة ترجمتها. وليس لنا مع معاني المفردات شأن في هذه الدراسة، ولا هي منا بسبيل، إذ قد كفانا كثير من الدراسات مؤونة النظر فيها وفي اختلاف الترجمات حول الكلمة الواحدة في القرآن الكريم كما ذكرنا آنفاً. وقد اخترت هنا مجموعة من ترجمات معاني القرآن الكريم إلى الفرنسية والإنجليزية المتوافرة لدي، والتي لها شأنها عند الدارسين، وهي ترجمات: جاك بيرك، والشيخ بوبكر حمزة، والصادق مازيغ، ومحمد حميد الله، وماسون، الفرنسية، وترجمة الهلالي وخان، الإنجليزية.

مقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
(١) أستاذ اللغويات بقسم اللغة العربية وآدابها (جامعة الأغواط، الجزائر).


الصفحة التالية
Icon