القراءات المعاصرة للقرآن الكريم
محمّد أبو القاسم حاج حمد (١٩٤٢-٢٠٠٤)نموذجا
تمهيد:
وجب بادئ ذي بدء أن ننبه إلى حقيقة لا ينكرها مسلم وهي أن النبي ﷺ لم يفسر جميع القرآن آية آية، وأن الاجتهاد والاختلاف في تفسير القرآن أمر واقع، وهذا منذ عصر الصحابة.
ولكن أهل العلم قد وضعوا شروطا وقواعد لتفسير القرآن الكريم معتمدين في ذلك على بعض الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل أبرز نص في ذلك ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار" (١).
إن استخدام منهج بعيد كل البعد عن الأسس الصحيحة والسليمة التي رسمها أهل العلم يؤدي دون أدنى ريب إلى الانحراف في تفسير القرآن الكريم، كحال من زعم أن للقرآن ظاهر وباطن، أو من قال بالتفسير العرفاني ونحو ذلك.
ولكن التفسير في العصر الحديث خاصة عند الحداثيين ابتعد وانحرف عن معاني القرآن وأحكامه؛لتأثره الشديد بالمعارف السائدة الصحيحة منها والسقيمة، حيث أعملها بعضهم دون ضوابط، وزاد التأثر بالمناهج الغربية-وبدعوى المنهجية العلمية- قراءة النص القرآني بعدا عن العلمية المنشودة.
ونحسب أن هذا النموذج الذي سنقدمه إن شاء الله تعالى يمثل صورة من الصور الواضحة على انحراف بعض القراءات الحداثية للنص القرآني رغم الزعم المتكرر من أصحاب هذه القراءات بالتجديد والتمسك بالفهم السليم الواجب في النص القرآني.
وقد اخترنا أن ندرس قراءات أحد المفكرين المعاصرين والذي ذاع صيته بين الباحثين، وتبنى بعضهم أفكاره ورآها تجديدا حقيقيا في تحليل النص القرآني، ويتعلق الأمر بالمفكر السوداني محمّد أبو القاسم حاج حمد.

(١) -سنن الترمذي: كتاب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، رقم: ٢٨٧٤. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.


الصفحة التالية
Icon