صور من الاحتجاج للأصول :
يقول مكي في التعليل لاجتماع همزتين في كلمة بالتحقيق أو التخفيف :
"حجة من حقق الهمزتين في كلمة، وهي قراءة أهل الكوفة، وابن ذكوان في نحو :﴿أَأَنْذَرْتَهُم﴾ وشبهه أنه لما رأى الأولى في تقدير الانفصال من الثانية، ورآها داخلة على الثانية قبل أن لم تكن حقق كما يحقق ما هو من كلمتين، وحسن ذلك عنده لأنه الأصل، وزاده قوة أن أكثر هذا النوع بعد الهمزة الثانية فيه ساكن، فلو خفف الثانية التي قبل الساكن لقرب ذلك من اجتماع ساكنين لا سيما على مذهب من يبدل الثانية ألفًا فلما خاف اجتماع الساكنين حقق ليسلم من ذلك؛ ولأنه أتى بالكلمة على أصلها محققة".
ويقول : وحجة من خفف الثانية هو ما قدمنا من استثقال الهمزة المفردة، فتكريرها أعظم استثقالًا، وعليه أكثر العرب، وهو مذهب نافع وابن كثير وأبي عمرو وهشام، وأيضًا فإنه لما رأى العرب وكل القراء قد خففوا الثانية إذا كانت ساكنة استثقالًا، كان تخفيفها إذا كانت متحركة أولى؛ لأن المتحرك أقوى من الساكن وأثقل١.
وفي التعليل للروم والإشمام قال :
"أعلم أن الروم والإشمام إنما استعملتها العرب في الوقف لتبيين الحركة، كيف كانت في الوصل وأصل الروم أظهر للحركة من أصل الإشمام؛ لأن الرَّوم يسمع ويرى، والإشمام يرى ولا يسمع، فمن رام الحركة أتى بدليل قوي على أصل حركة الكلمة في الوصل، ومن أشم الحركة أتى بدليل ضعيف على ذلك، والإشمام لا يكون إلا في المرفوع والمضموم"٢.
ويقول في التعليل للمد في حروف المد واللين إذا لاصقتها همزة أو ساكن مشدد، أو غير مشدد :
"فإن قيل : في العلة التي أوجبت المد فيما ذكرت؟ فالجواب أن
________
١ الكشف ج١ ص٧٣.
٢ المرجع السابق ص١٢٢.
٢٨٧ | ٣٢٠


الصفحة التالية
Icon