رَي الظَّمآن
في بَيَانِ القُرآن
تأليف
فهد بن عبد الله الحبيشي

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة
الحمد لله منزل القرآن، معلم الإنسان البيان، والصلاة والسلام على خير العباد، وأفصح من نطق بالضاد، وبعد.
فلما كان كتاب الله خير الكتب، وبيانه أعلى بيان، كانت خدمته من أجل الأعمال وأرفعها، وأعلى القرب وأسمقها، ولهذا قمت بجمع هذه المباحث المتعلقة ببيان القرآن الكريم، الذي أعجز فطاحل العرب بلفظه، وأعياهم بسبكه.
بيد أنه مع تطاول الأزمنة، وانحراف الألسنة وطغيان اللكنة، افتقد الناس الذوق الذي به يتذوقون كلام الله، ويفهمون أبعاده ومراميه، ومظاهر إعجازه ومبانيه.
من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب، والذي فيه يحس القارئ بالظلال الوارفة لكتاب الله، ويعيش لحظات مليئة بالجمال والروعة والفائدة.
ويدرك جزءا من مظاهر إعجاز القرآن الكريم، وبعدا من أبعاد بيانه العظيم.
أسأل المولى أن يجعل ما كتبت وما أنفقت فيه من أوقات في ميزان حسناتي، والله المستعان.
فهد عبد الله- صنعاء
تمهيد
(١)
إعجاز القرآن في بيانه وفصاحته:
الإعجاز في اللغة هو: نسبة العجز إلى الغير، قال تعالى: ﴿ أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي ﴾ [المائدة: ٣١].
وتسمى المعجزة بهذا الاسم؛ لأن البشر يعجزون عن الإتيان بمثلها، لأنه أمر خارق للعادة، خارج عن حدود الأسباب المعروفة.
وإعجاز القرآن معناه: إثبات عجز البشر متفرقين ومجتمعين عن الإتيان بمثله، وليس المقصود من (إعجاز القرآن) هو تعجيز البشر لذات التعجيز، أي: تعريفهم بعجزهم عن الإتيان بمثل القرآن(١).
تحدى الله سبحانه الكفار أن يأتوا بمثل القرآن أو عشر سور منه أو سورة منة، فلم يستطيعوا.
وأما وجه إعجازه ففيه مذاهب:
(١) التبيان في علوم القرآن ٩٣


الصفحة التالية
Icon