مميزات قراءة أبي عمرو بن العلاء البصري
( أ. د. علي العوض عبد الله (١)
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد - ﷺ - وعلى آله وصحبه والتابعين.
لما كانت قراءة أبي عمرو بن العلاء البصري أفصح القراءات القرآنية كما ذكر السيوطي في الإتقان حيث قال: "وأصحّ القراءات سند نافع وعاصم، وأفصحها أبو عمرو والكسائي" (٢). فقد وجدتْ هذه القراءة الذيوع والانتشار في أنحاء العالم الإسلامي حيث ذكر ابن الجزري في حديثه عن انتشار هذه القراءة في الأمصار الإسلامية رواية عن ابن مجاهد عن وهب بن جرير قال: قال لي شعبة: "تمسك بقراءة أبي عمرو، فإنها ستصير للناس إسناداً". قال ابن الجزري معلِّقاً على ما قال شعبة: وقد صحَّ ما قاله شعبة رحمه الله تعالى فالقراءة التي عليها الناس اليوم بالشام والحجاز واليمن ومصر هي قراءة أبي عمرو بن العلاء، فلا تكاد تجد أحداً يلقن القرآن إلاَّ على حَرْفِهِ، خاصة في الفرش؛ وقد يخطئون في الأصول (٣).
ويمكننا أن نذكر بعض آراء السلف في هذه القراءة: رُوي أنَّ سفيان بن عيينة قال: رأيت رسول الله - ﷺ - في المنام فقلتُ: يا رسول الله قد اختلفت عليَّ القراءات فبقراءة مَنْ تأمرني أن أقرأ فقال: بقراءة أبي عمرو بن العلاء. وعن عبيد القاسم بن سلام قال: حدثني شجاع بن أبي نصر وكان صدوقاً قال: رأيتُ النبي - ﷺ - في المنام فعرضت عليه أشياء من قراءة أبي عمرو فما ردّ عليَّ إلاّ حرفين:
أحدهما: [البقرة: ١٢٨].

(١) (() نائب مدير جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية (السُّودان ـ أم درمان).
(٢) جلال الدين عبد الرحمن السيوطي: الإتقان في علوم القرآن، طبع عيسى الحلبي، ١/٨١.
(٣) محمد بن محمد الجزري: غاية النهاية في طبقات القُرَّاء، طبع مكتبة الخانجي، مصر، ١٣٥١هـ، ١/٥٣٩.


الصفحة التالية
Icon