المحرر الوجيز، ج ٣، ص : ٢١٨
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
سورة يوسفهذه السورة مكية، ويروى أن اليهود سألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن قصة يوسف فنزلت السورة بسبب ذلك ويروى أن اليهود أمروا كفار مكة أن يسألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن السبب الذي أحل بني إسرائيل بمصر فنزلت السورة وقيل : سبب نزولها تسلية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عما يفعله به قومه بما فعل إخوة يوسف بيوسف، وسورة يوسف لم يتكرر من معناها في القرآن شيء كما تكررت قصص الأنبياء، ففيها حجة على من اعترض بأن الفصاحة تمكنت بترداد القول، وفي تلك القصص حجة على من قال في هذه : لو كررت لفترت فصاحتها.
قوله عز وجل :
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ١ الى ٣]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ (٣)تقدم القول في فواتح السور، والْكِتابِ القرآن، ووصفه ب الْمُبِينِ قيل : من جهة أحكامه وحلاله وحرامه، وقيل : من جهة مواعظة وهداه ونوره، وقيل : من جهة بيان اللسان العربي وجودته إذ فيه ستة أحرف لم تجتمع في لسان - روي هذا القول عن معاذ بن جبل - ويحتمل أن يكون مبينا لنبوة محمد بإعجازه.
والصواب أنه «مبين» بجميع هذه الوجوه. والضمير في قوله : أَنْزَلْناهُ ل الْكِتابِ، والإنزال : إما بمعنى الإثبات، وإما أن تتصف به التلاوة والعبارة وقال الزجاج : الضمير في أَنْزَلْناهُ يراد به خبر يوسف.
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف، وقوله : لَعَلَّكُمْ يحتمل أن تتعلق ب أَنْزَلْناهُ أي أنزلناه لعلكم، ويحتمل أن تتعلق بقوله : عَرَبِيًّا أي جعلناه عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، إذ هو لسانكم.
وقُرْآناً حال، وعَرَبِيًّا صفة له، وقيل : إن قُرْآناً بدل من الضمير - وهذا فيه نظر - وقيل :
قُرْآناً توطئة للحال وعَرَبِيًّا حال، وهذا كما تقول : مررت بزيد رجلا صالحا، وقوله : نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ الآية، روى ابن مسعود أن أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ملوا ملة فقالوا : لو قصصت