المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ١٨٥
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
سورة الطّوروهي مكية بإجماع من المفسرين والرواة.
قوله تعالى :
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ١ الى ١٤]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالطُّورِ (١) وَكِتابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤)وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦) إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ (٧) ما لَهُ مِنْ دافِعٍ (٨) يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً (٩)
وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً (١٠) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٤)
هذه مخلوقات أقسم اللّه بها تنبيها منها وتشريفا، وليكون ذلك سبب النظر فيها والاعتبار بها، وذلك يؤول إلى التوحيد والمعرفة بحقوق اللّه.
وَالطُّورِ قال بعض أهل اللغة : كل جبل : طور، فكأنه أقسم بالجبال، إذ هو اسم جنس وقال آخرون :«الطور» كل جبل أجرد لا ينبت شجرا. وقال مجاهد في كتاب الطبري :«الطور» الجبل بالسريانية، وهذا ضعيف، لأن ما حكاه في العربية يقضي على هذا، ولا خلاف أن في الشام جبلا يسمى ب «الطور»، وهو طور سيناء. وقال نوف البكالي : إنه الذي أقسم اللّه به لفضله على الجبال. إذ قد روي أن اللّه تعالى أوحى إلى الجبال إني مهبط على أحدكم أمري. يريد رسالة موسى عليه السلام، فتطاولت كلها إلا الطور فإنه استكان لأمر اللّه وقال حسبي اللّه، فأهبط اللّه الأمر عليه. ويقال إنه بمدين. وقال مقاتل بن حيان هما طوران. والكتاب المسطور : معناه بإجماع : المكتوب أسطارا.
واختلف الناس في هذا المكتوب المقسم به، فقال بعض المفسرين : هو الكتاب المنتسخ من اللوح المحفوظ للملائكة لتعرف منه ما تفعله وتصرفه في العالم.
وقال آخرون : بل أقسم اللّه تعالى بالقرآن، فإنه قد كان علم أنه يتخلد فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ.
وقال آخرون : أقسم بالكتب القديمة المنزلة : الإنجيل والتوراة والزبور. وقال الفراء فيما حكى الرماني : أقسم بالصحف التي تعطى وتؤخذ يوم القيامة بالأيمان والشمائل. وقال قوم : أقسم بالكتاب الذي فيه أعمال الخلق، وهو الذي لا بغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.