المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٣٢٢

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

سورة الطّلاق
وهي مدنية بإجماع أهل التفسير.
قوله عز وجل :
[سورة الطلاق (٦٥) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً (١) فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (٣)
الطلاق على الجملة مكروه، لأنه تبديد شمل في الإسلام، وروى أبو موسى الأشعري أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال :«لا تطلقوا النساء إلا من ريبة، فإن اللّه لا يحب الذواقين ولا الذواقات». وروى أنس أنه عليه السلام قال :«ما حلف بالطلاق ولا استحلف به إلا منافق». واختلف في ندائه النبي. ثم قوله تعالى بعد ذلك : طَلَّقْتُمُ، فقال بعض النحويين حكاه الزهراوي، في ذلك خروج من مخاطبة أفراد إلى مخاطبة جماعة، وهذا موجود، وقال آخرون منهم في نداء النبي صلى اللّه عليه وسلم : أريدت أمته معه، فلذلك قال : إِذا طَلَّقْتُمُ، وقال آخرون منهم إن المعنى : يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قل لهم إِذا طَلَّقْتُمُ، وقال آخرون إنه من حيث يقول الرجل العظيم فعلنا وصنعنا خوطب النبي صلى اللّه عليه وسلم ب طَلَّقْتُمُ إظهارا لتعظيمه، وهذا على نحو قوله تعالى في عبد اللّه بن أبي : هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ [المنافقون : ٧] إذا كان قوله مما يقوله جماعة، فكذلك النبي في هذه ما يخاطب به فهو خطاب الجماعة.
قال القاضي أبو محمد : والذي يظهر لي في هذا أنهما خطابان مفترقان، خوطب النبي على معنى تنبيهه لسماع القول وتلقي الأمر ثم قيل له : إِذا طَلَّقْتُمُ، أي أنت وأمتك، فقوله : إِذا طَلَّقْتُمُ، ابتداء كلام لو ابتدأ السورة به، وطلاق النساء : حل عصمتهن وصورة ذلك وتنويعه مما لا يختص بالتفسير، وقوله


الصفحة التالية
Icon