المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٥١٠
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
سورة الزّلزلةوهي مكية، قاله ابن عباس وغيره. وقال قتادة ومقاتل : هي مدنية، لأن آخرها نزل بسبب رجلين كانا بالمدينة.
قوله عز وجل :
[سورة الزلزلة (٩٩) : الآيات ١ الى ٨]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (١) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (٢) وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها (٣) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (٤)بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها (٥) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ (٦) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)
العامل في : إِذا على قول جمهور النحاة، وهو الذي يقتضيه القياس فعل مضمر يقتضيه المعنى وتقديره : تحشرون أو تجازون، ونحو هذا، ويمتنع أن يعمل فيه زُلْزِلَتِ لأن إِذا مضافة إلى زُلْزِلَتِ، ومعنى الشرط فيها ضعيف وقال بعض النحويين : يجوز أن يعمل فيها زُلْزِلَتِ، لأن معنى الشرط لا يفارقها، وقد تقدمت نظائرها في غير سورة، وزُلْزِلَتِ معناه : حركت بعنف، ومنه الزلزال، وقوله تعالى : زِلْزالَها أبلغ من قوله : زلزال، دون إضافة إليها، وذلك أن المصدر غير مضاف يقع على كل قدر من الزلزال وإن قل، وإذا أضيفت إليها وجب أن يكون على قدر ما يستحقه ويستوجبه جرمها وعظمها، وهكذا كما تقول : أكرمت زيدا كرامة فذلك يقع على كل كرامة وإن قلت بحسب زيد، فإذا قلت كرامته أوجبت أنك قد وفيت حقه، وقرأ الجمهور :«زلزالها» بكسر الزاي الأولى، وقرأ بفتحها عاصم الجحدري، وهو أيضا مصدر كالوسواس وغيره. و«الأثقال» : الموتى الذين في بطنها قاله ابن عباس، وهذه إشارة إلى البعث، وقال قوم من المفسرين منهم منذر بن سعيد الزجاج والنقاش : أخرجت موتاها وكنوزها.
قال القاضي أبو محمد : وليست القيامة موطنا لإخراج الكنوز، وإنما تخرج كنوزها وقت الدجال.
و«قول الإنسان ما لها» هو قول على معنى التعجب من هول ما يرى، قال جمهور المفسرين : الْإِنْسانُ هنا يراد به الكافر، وهذا متمكن لأنه يرى ما لم يظن به قط ولا صدقه، وقال بعض المتأولين هو عام في المؤمن والكافر، فالكافر على ما قدمناه، والمؤمن وإن كان قد آمن بالبعث فإنه استهول المرأى، وقد قال صلى اللّه عليه وسلم :«ليس الخبر كالمعاينة». و«أخبار الأرض» قال ابن مسعود والثوري وغيره : هو