المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٥٢٧
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
سورة الماعونوهي مكية بلا خلاف علمته، وقال الثعلبي : هي مدنية.
قوله عز وجل :
[سورة الماعون (١٠٧) : الآيات ١ الى ٧]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤)الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (٧)
هذا توقيف وتنبيه لتتذكر نفس السامع كل من يعرفه بهذه الصفة، وهمز أبو عمرو :«أ رأيت» بخلاف عنه ولم يهمزها نافع وغيره، و«الدين» الجزاء ثوابا وعقابا، والحساب هنا قريب من الجزاء ثم قال تعالى : فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ أي ارقب فيه هذه الخلال السيئة تجدها، ودع اليتيم : دفعه بعنف، وذلك إما أن يكون المعنى عن إطعامه والإحسان إليه، وإما أن يكون عن حقه وماله، فهذا أشد، وقرأ أبو رجاء :
«يدع»، بفتح الدال خفيف بمعنى لا يحسن إليه، وقوله تعالى : وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ أي لا يأمر بصدقة ولا يرى ذلك صوابا، ويروى أن هذه السورة نزلت في بعض المضطرين في الإسلام بمكة الذين لم يحققوا فيه وفتنوا فافتتنوا، وكانوا على هذه الخلق من الغشم وغلظ العشرة والفظاظة على المسلمين، وربما كان بعضهم يصلي أحيانا مع المسلمين مدافعة وحيرة فقال تعالى فيهم : فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ. قال ابن جريج : كان أبو سفيان ينحر كل أسبوع جزورا فجاءه يتيم، فقرعه بعصا فنزلت السورة فيه، قال سعد بن أبي وقاص : سألت النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ، فقال : هم الذين يؤخرونها عن وقتها، يريد واللّه أعلم تأخير ترك وإهمال، وإلى هذا نحا مجاهد، وقال قتادة ساهُونَ، هو الترك لها وهم الغافلون الذين لا يبالي أحدهم صلى أو لم يصل، وقال عطاء بن يسار : الحمد للّه الذي قال عَنْ صَلاتِهِمْ ولم يقل في صلاتهم، وفي قراءة ابن مسعود :«لاهون» بدل ساهُونَ، وقوله تعالى : الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ بيان أن صلاة هؤلاء ليست للّه تعالى بينة إيمان، وإنما هي رياء للبشر فلا قبول لها، وقرأ ابن أبي إسحاق وأبو الأشهب :«يرؤون» مهموزة مقصورة مشددة الهمزة، وروي عن ابن أبي إسحاق :«يرؤون» بغير شد في الهمزة، وقوله تعالى :