معاني القرآن، ج ٢، ص : ٤١٤
ومن سورة الزمر
قوله : تَنْزِيلُ الْكِتابِ [١] ترفع (تَنْزِيلُ) بإضمار : هذا تنزيل، كما قال :(سُورَةٌ أَنْزَلْناها «١») ومعناه : هذه سورة أنزلناها وإن شئت جعلت رفعه بمن. والمعنى : من اللّه تنزيل الكتاب ولو نصبته وأنت تأمر باتباعه ولزومه كان صوابا كما قال اللّه (كِتابَ «٢» اللَّهِ عَلَيْكُمْ) أي الزموا كتاب اللّه.
وقوله : فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ [٢] منصوب بوقوع الإخلاص عليه. وكذلك ما أشبهه فى القرآن مثل (مُخْلِصِينَ «٣» لَهُ الدِّينَ) ينصب كما نصب فى هذا. ولو «٤» رفعت (الدين) بله، وجعلت الإخلاص مكتفيا غير واقع كأنك قلت : اعبد اللّه مطيعا فله الدين.
وقوله : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ [٣] (الذين) فى موضع رفع بقول مضمر. والمعنى :
(وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) يقولون لأوليائهم وهى الأصنام : ما نعبدكم إلّا لتقرّبونا إلى اللّه.
وكذلك هى فى (حرف «٥») أبىّ وفى حرف عبد اللّه (قالوا ما نعبدهم) والحكاية إذا كانت بالقول مضمرا أو ظاهرا جاز أن يجعل الغائب كالمخاطب، وأن تتركه كالغائب، كقوله :(قُلْ لِلَّذِينَ «٦» كَفَرُوا سيغلبون) و(سَتُغْلَبُونَ) بالياء والتاء على ما وصفت لك.
وقوله : خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها [٦] يقول القائل : كيف قال :
(خلقكم) لبنى آدم. ثم قال :(ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها) والزوج مخلوق قبل الولد؟ ففى ذلك وجهان من العربيّة :

(١) أول سورة النور.
(٢) الآية ٢٤ سورة النساء.
(٣) الآية ١٤ سورة غافر. وورد فى مواطن أخرى.
(٤) جواب لو محذوف أي لكان صوابا،
(٥) ا : ب «قراءة».
(٦) الآية ١٢ سورة آل عمران.


الصفحة التالية
Icon