معاني القرآن، ج ٣، ص : ٢٧٣
و المعنى : حتى ما تزيد مخافة (وعل) على مخافتى، ومثله من غير المخفوض قول الراجز «١» :
إن سراجا لكريم مفخره تحلى به العين إذا ما تجهره
[قال ] «٢» الفراء : حليت بعيني، وحلوت [فى صدرى ] «٣» والمعنى : تحلى بالعين إذا ما تجهره، ونصب الابتغاء من جهتين : من أن تجعل فيها نية إنفاقه ما ينفق إلا ابتغاء وجه ربه. والآخر على اختلاف ما قبل إلّا وما بعدها والعرب تقول : ما فى الدار أحد إلّا أكلبا وأحمرة، وهى لغة لأهل الحجاز، ويتبعون آخر الكلام أوله «٤» فيرفعون فى الرفع، وقال الشاعر «٥» فى ذلك.
وبلدة ليس بها أنيس إلّا اليعافير وإلّا العيس
فرفع، ولو رفع (إلا ابتغاء «٦» وجه ربه) رافع لم يكن خطأ لأنك لو ألقيت من : من النعمة لقلت «٧» : ما لأحد عنده نعمة تجزى إلا ابتغاء، فيكون الرفع على اتباع المعنى، كما تقول : ما أتانى من أحد إلّا أبوك.
ومن سورة الضحى
قوله عز وجل : وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢).
فأمّا الضحى فالنهار كله، والليل إذا سجى : إذا أظلم وركد فى طوله، كما تقول : بحر ساج، وليل ساج، إذا ركد وسكن وأظلم.
وقوله عز وجل : ما وَدَّعَكَ [١٤٢/ ا] رَبُّكَ وَما قَلى (٣).
نزلت فى احتباس الوحى عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم خمس عشرة [ليلة] «٨»، فقال المشركون : قد ودّع محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم ربّه، أو قلاه التابع الذي يكون معه، فأنزل اللّه جلّ وعزّ :«ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ» يا محمد، «وَ ما قَلى » يريد : وما قلاك، فألقيت الكاف، كما يقول «٩» : قد أعطيتك وأحسنت
(٢، ٣) سقط فى ش.
(٤) سقط فى ش.
(٥) هو عامر بن الحارث الملقب : بجران العود. شاعر نميرى. الخزانة ٤/ ١٩٧. وفى ش : فيه، تحريف.
(٦) قرأ ابن وثاب بالرفع على البدل فى موضع نعمة لأنه رفع، وهى لغة تميم (البحر المحيط ٨/ ٤٨٤).
(٧) سقط فى ش.
(٨) ما بين الحاصرتين اضافة يقتضيها السياق.
(٩) فى ش : تقول.