تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٠٩٤
تفسير سورة سبأ
إثبات البعث
يفتتن الناس عادة بالقوة، ويمجدون الأقوياء، ويتعاطفون مع الأبطال، ويتابعون مشاهد بطولاتهم في أعمالهم، وما يلحقون به غيرهم من هزائم منكرة، ولكنهم مع الأسف الشديد لاهون، غير متأملين بمن هو مصدر القوة كلها جميعا في السماوات والأرض. وأبين دليل على قوة الله وعزته وسلطانه : خلقه السماوات والأرض، والإنسان في أقوم خلقه وأشدّ تركيب، وأحكم انسجام بين أجزاء جسده. قال الله تعالى مدللا على قدرته، وإثبات البعث، في مطلع سورة سبأ المكية، إلا قوله تعالى :
وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ قيل : هي مكية، والمراد : المؤمنون بالنبي صلّى اللّه عليه وسلم، وقيل : هي مدنية، والمراد من أسلم بالمدينة من أهل الكتاب كابن سلام وأشباهه :
[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١) يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (٢) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٣) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)
وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (٥)
«١» «٢» [السبأ : ٣٤/ ١- ٥].
(١) لا يغيب.
(٢) الرجز : سيئ العذاب أو أشده، فهو العذاب السيئ جدا.


الصفحة التالية
Icon