تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٣٢٣
تفسير سورة الشورى
القرآن وحي اللّه تعالى
الوحي الإلهي المنزل : له بداية ونهاية، بدأ بعد خلق آدم عليه السّلام، حيث أوحى اللّه تعالى إليه الأحكام الضرورية للحياة البشرية الأولى، وانتهى الوحي بخاتم الأنبياء والمرسلين، حيث أنزل اللّه تعالى عليه القرآن الكريم ليكون شرعا دائما، ومنهاجا محكما، وطريقا واجب الاتباع، إلى يوم القيامة. وقد دلت آيات القرآن الكريم في مناسبات متعددة، ولا سيما إذا افتتحت السور القرآنية بالأحرف الهجائية، على أن القرآن كلام اللّه ووحيه، ولم يوح به سوى اللّه تعالى، وكلام اللّه نزل بلغة العرب، ومن مادة اللغة العربية وحروفها وأبجديتها. وهذا مطلع سورة الشورى المكية النزول بإجماع أكثر المفسرين، لإثبات مصدر القرآن، قال اللّه تعالى :
[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ١ الى ٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (١) عسق (٢) كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤)تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٦)
«١» [الشورى : ٤٢/ ١- ٦].
افتتحت هذه السورة بالحروف الأبجدية للتنبيه على ما يوحى فيها، ولتحدي العرب بالإتيان بمثل القرآن المتكون من الحروف العربية التي ينطقون بها ويكتبون،