تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٥٣٧
تفسير سورة القمر
موقف المشركين من دعوة الإسلام
طالب المشركون بتحقيق معجزات مادية، على سبيل المكابرة والعناد، على الرغم مما رأوا من الآيات والمعجزات الباهرة الدالة على صدق نبوة الرسول محمد بن عبد الله صلّى اللّه عليه وسلّم، ومع الإخبار بأنباء إهلاك الأمم المكذبة رسلها، ليعتبروا ويتعظوا، ومع تحذيرهم مما يتعرضون له في الآخرة من عذاب شديد، ونشر من القبور، ذليلين مهانين، مسرعين إلى الداعي إسرافيل إلى شي ء رهيب، وهو موقف الحساب. وهذا ما أطلعتنا عليه أوائل سورة القمر المكية بالإجماع إلا الآية واحدة، اختلف فيها أهي مكية أم مدينة، وهي آية : سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) :
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ١ الى ٨]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣) وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤)حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (٥) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْ ءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» [القمر : ٥٤/ ١- ٨].
أخرج البخاري ومسلم والحاكم- واللفظ له- عن ابن مسعود قال : رأيت القمر
(٢) أي محكم قوي، من المرّة :
و هي القوة.
(٣) ما يزجرهم ويكفهم.
(٤) شديد الهول تنكره نفوسهم إذ لا عهد لهم مثله. [.....]
(٥) مسرعين.