تفسير الوسيط (الزحيلي)، ج ٣، ص : ٢٩٤٠
تفسير سورة الماعون
جزاء المكذب بالدين وصفاته
إن من أهم أسباب الشقاء والانحراف والضلال في الدنيا : هو إنكار يوم القيامة أو يوم الجزاء والحساب، فلو صدّق الناس به تصديقا تاما، لما تجرأ واحد منهم على العصيان والمخالفة، أو الكفر والجحود، أو إهمال الفرائض الإلهية، وتجاوز الآداب والأخلاق القويمة، لأن الخوف من العقاب والتهديد بالعذاب لا ينفع غير المؤمنين بوجود عالم الآخرة، وتذكير السامع بالتخلص من أمراض العصيان، والقسوة على المحتاجين، ومراءاة الناس، ومنع مساعدة الجيران وحجب وسائل العون عنهم وعن غيرهم، إنما يفيد المصدقين بالقيامة، كما جاء في سورة الماعون المكية :
[سورة الماعون (١٠٧) : الآيات ١ الى ٧]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤)الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (٧)
«١» «٢» «٣» «٤» «٥» «٦» [الماعون : ١٠٧/ ١- ٧].
قال ابن عباس : نزلت هذه السورة في العاص بن وائل السهمي، وقال السدي :
نزلت في الوليد بن المغيرة. وقيل : في أبي جهل، وكان وصيا ليتيم، فجاءه عريانا يسأله من مال نفسه، فدفعه. ويروى أن هذه السورة نزلت في بعض المضطّرين في
(٢) يدفعه بعنف عن حقه ويزجره.
(٣) لا يحث عليه.
(٤) خزي وعذاب وهلاك.
(٥) غافلون عنها.
(٦) كل ما يستعان به وينتفع منه كالدلو والقدر والفأس ونحو ذلك.